قبل أيام انتشر مقطع فيديو يستعرض أطباقا متنوعة من السفرة الشامية أدى إلى حالة استنفار بين السعوديات، وكردة للفعل بادرت بعض النساء بتصوير مقاطع مشابهة من مناطق مختلفة من المملكة، حتى ظننا أن أساليب الاستجداء لرغبات الرجال وميولهم في اختيار الزوجة المناسبة أخذت طابعا ذا تنوع ثقافي، فكل امرأة بدأت تستعرض ما لديها من أطباق لتبين أنها تستطيع إسعاد الرجل أفضل من غيرها على طريقة الإعلانات، وانتهى الأمر إلى حالة مزاد يتبنى أساليب من الجذب للراغبين في الزواج تحت شعار "من يتهنى أكثر"!

كل امرأة منهن تصور لرجل عشوائي في علم الغيب أن الزواج من بنات جنسها سيسعده لأسباب اخترنها، فالبداية كانت باستعراض موائد الأطعمة ومستوى التفنن في الطبخ، وانتهت بعرض بعضهن قطعا من الملابس، وهذه السلوكيات بين الفعل وردود الأفعال تنعكس من خلفية ثقافية تكرس نظرية الجارية والسيد، وهي إحدى المظاهر التي تصور فيها المرأة ذاتها كتابع، حين تلغي بإرادتها أسباب الارتباط بها كزوجة لأجل كيانها الإنساني بما يفترض أن يحمل هذا الكيان من الكرامة والقيم والأخلاق، ثم اختزاله في مائدة طعام أو قطعة ملابس، وكأنها خُلقت لتكون أداة لمتعة الرجل وخدمته بصفة غير مشروطة، حين لا تلزمه بشيء سوى القبول والإعجاب!

إن الشأن العاطفي الذي دفعهن إلى هذا الفعل لا يفسر إلا بالغيرة والخوف، واتضح ذلك في التهافت بتسجيل الحضور على مسرح الجواري المميزات الخائفات من هجرة السعوديين إلى البحث في حسناوات الشام، وكأن بعض النساء يلازمها هاجس يفرض عليها أن تستحضر في واقع حياتها رجلا سينصرف عنها عاطفيا في يوم ما.

إن المرأة التي تثق بما لديها هي التي تبني مقوماتها الشخصية على الطريقة التي تحترم فيها ذاتها أولا، وتؤمن بأنها شريك للرجل وليست تابعا، بعيدا عن هذه المنهجية الجاهلة. وهذا النوع من النساء سر بلاء أنفسهن وتعثرهن، وأشد من يخضع للعبودية الطوعية بالطريقة التي يتنازلن فيها عن قيمة الذات التي يشعر بها الإنسان السوي في نفسه، وهن الأكثر تضررا وضياعا في حال انفصل عنهن رجالهن، فالعلاقات في شكلها الطبيعي والإنساني تبنى على احترام الذات، ومن لا يحترم ذاته فعليه ألا ينتظر الاحترام من الآخرين.