أدرك تماما أنني، وفي كل جملة من مقال هذا الصباح، سأقف برأس عار وصدر مكشوف في مواجهة حملة وطنية إلكترونية لم تترك مساحة لشجاعة الرأي والمنطق. ومن الجملة الأولى سأقول إن الحملة الواسعة "للدارسين على حسابهم الخاص" هي أكبر حملة تضليل مجتمعي وتزييف للوقائع مثلما هي أيضاً أكبر حملة تشويه لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، الذي أعتبره أعظم برنامج تنموي في بناء الإنسان والعقل. هجمة "الدارسون على حسابهم الخاص" لا تذكر لكم أبدا هذه الحقائق: الأولى، أنه يتقدم سنويا للبرنامج ما يقرب من 50 ألف طلب وطالب. وفي الفرز الشفاف الذي يتم نشره إلكترونيا من الوزارة، يتم قبول الصفوة ويختزل الرقم إلى عشرة آلاف في العام الواحد هم ذروة "نسب التأهيل"، إضافة إلى التخصص واسم الجامعة التي حصلوا على قبول للابتعاث إليها. ومع كامل احترامي، هنا الحقيقة الثانية: "الدارسون على حسابهم الخاص" هم السواد الأغلب من "القاع التربوي" الذين فشلوا بسبب معدلاتهم الدراسية في الحصول على مقاعد نوعية في الجامعات المحلية. النسبة الطاغية من هؤلاء يريدون أن يدخلوا إلى هذا البرنامج من "التحويلة" المحرجة. هم الذين فشلوا تماما في الدخول إلى عالم الصفوة ثم "ابتعثوا أنفسهم" على حسابهم الخاص وبعدها يطالبون بحقوق البعثة الدراسية، وهنا الحقيقة الثالثة وبالبرهان والأوراق التي جمعتها في ملف خاص: عدد هؤلاء يقترب اليوم من 12 ألف طالب في مختلف دول الابتعاث، أكثر من 80% من سدنة هذه الحملة، لا تتجاوز نسبهم "التأهيلية" لدخول جامعة محلية أكثر من 70%، وهي نسبة قد لا تقبلها كليات المجتمع في "ملحق" كل جامعة سعودية، خذوا هذه الحقيقة الرابعة: حين فرزت وزارة التعليم في الشهر الأخير أوضاع ما يقرب من 12 ألفا يدرسون على حسابهم الخاص لتنفيذ الأمر السامي الكريم من والدنا، سلمان بن عبدالعزيز، لدراسة أوضاع هؤلاء الأبناء، اكتشفت بعض ما يلي: أولا: أقل من مئتي طلب فقط، يمكن أن تنطبق عليها شروط البرنامج، ثانيا، أكثر من 60% من هذه "الشريحة" لا زالوا بعد عامين من الدراسة على حسابهم الخاص في معاهد اللغة. ثالثا، ما تبقى من الناجين من دراسة اللغة ذهبوا إلى جامعات "صنادق" وفي تخصص واحد مطبوع لم يعد البلد بحاجة إلى فرد جديد في البحث عن وظيفة.
وخلاصة المقال: أقترح أن نضم لهذا البرنامج الطموح كل طالب يدرس على حسابه الخاص بشرطين وحيدين: أولاً، أن ينتظم ضمن التخصصات العلمية التي يشترطها برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. ثانيا، أن يكون هذا الطالب دارسا في جامعة ابتعاث ضمن "المئة" الأول في التصنيف الأكاديمي المعتمد، وهما شرطان ميسوران جداً. كل ما سبق أكتبه كي لا يأخذنا بالصوت كل مبتعث إلى جامعات الصنادق ومعاهد اللغة التي أعرفها جيدا في أطراف كل مدينة أميركية.