لم يخطر في بال شباب وأطفال محافظة أبين اليمنية، أن مباراة كرة القدم التي يتشاطرون فيها مع أبناء حيهم، ستنتهي بغير صافرتهم المعتادة، التي هي اقتراب أذان المغرب، حتى سقطت عليهم قذيفة هاون من إحدى عصابات الحوثي. وحدثت تلك المأساة قبل عشرة أيام.

مأساة متكررة ودامية، تصنعها ميليشيات الحوثي في كل المحافظات اليمنية والمديريات المتفرقة، كان ضحيتها هذه المرة ثلاث وفيات، طفل وشابان يافعان، وإصابة 15 آخرين كانوا يلعبون كرة القدم في إحدى ضواحي لودر، بمحافظة أبين.

يروي مراد عمر صالح صيمع البالغ من العمر 15 عاماً فصول المأساة، وهو يرقد في أحد مستشفيات المملكة، بعد إصابته في البطن إثر قذيفة هاون، تمزقت على إثرها بعض الأعضاء، ما أجبر الأطباء على استئصال كليته اليمنى وأجزاء من الأمعاء.

عندما قابلنا مراد، كان يسأل عمه المرافق له عن أخيه صالح، الذي يصغره بعامين، وأصيب معه في الملعب. أخبرناه أن أخاه خرج من المستشفى وهو الآن بحالٍ جيدة، فبادرنا بسؤال حزين "باقي ما يتكلم؟". اتضح لاحقاً أن جزءاً من لسان صالح قد تمزق، ويحتاج إلى عملية زراعة في وقت لاحق.

حدثنا مراد بأنفاس متقطعة عما حدث، وقال إنه لم يشعر بشيء في أول وهلة، لأن القذيفة نزلت بشكل مفاجئ في وسط الملعب، حيث كان التجمع حول الكرة، لكنه توقف برهة، ثم قال "شعرت بالألم في بطني ورأيت الدم. كذلك رأيت مبارك بجانبي لا يتحرك"، مبارك صديقه وجاره كان أحد المتوفين الثلاثة، عن عمر يناهز 13 عاماً، حيث تمنى مراد بحرقة أن أصدقاءه المتوفين أصيبوا مثله، ولم يفارقوا الحياة، وكانوا بجانبه الآن يتلقون العناية التي وجدها في المستشفى، والرعاية اليومية من جميع الأطباء والممرضين والممرضات في القسم الذي يرقد فيه.

بدأت صحة مراد تتحسن، وبات يأكل بشكل طبيعي، بعد أسبوع من التغذية عن طريق الأنبوب، لكن روحه المرحة التي قال عمه إنه يتمتع بها وتضحك الجميع ما زالت غائبة، بسبب كوابيس تلاحقه كلما نام، ولم يخبر عنها أحداً، حتى عندما سألناه عنها، أشاح بوجهه.