رغم انتهاء هدنة الأيام الخمسة التي فرضتها المملكة العربية السعودية للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين، والتزمت بها قوات التحالف مع ما صاحبها من انتهاكات حوثية متكررة، إلا أن المساعدات الإنسانية استمرت في التدفق على اليمن، بعد أن أعلنت قوات التحالف عدم منعها شحنات الإغاثة والمعونات المقدمة لليمنيين من منظمات دولية وعواصم بلدان مختلفة، مراعاة للظروف الحرجة التي تعيشها اليمن، شريطة أن تمر على لجان التفتيش الدولية في جيبوتي، وأن تتولى الأمم المتحدة إيصالها إلى المدنيين وتوزيعها بمعرفتها.
واستمرت المساعدات الإنسانية تتدفق إلى اليمن طيلة الأيام الماضية، لكن المحير هو أن تلك الأطنان من المعونات الغذائية والطبية وغيرها، لم تحدث أي تغيير في الجانب الإنساني، ولم تؤد إلى معالجة الأزمة التي تشتد وطأتها يوما بعد آخر على اليمنيين.
ويفسر مواطنون عدم تحسن أوضاعهم الحالية، بالرغم من الأنباء التي تتحدث عن وصول مزيد من المساعدات، كون من يستقبلها ويتولى أمرها هم الانقلابيون الحوثيون وحلفاؤهم من نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الأمر الذي يجعلها حكرا عليهم وعلى مواليهم وتفتقدها العدالة في التوزيع.
ويتساءل مجدي الصلاحي، وهو معلم في إحدى مدارس العاصمة، عن مصير تلك الكميات الضخمة من المساعدات، قائلا "وصلت أطنان من مادة القمح، لكن انعدامها في السوق لا يزال مستمرا، ووصلت سفن تحمل مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة، لكن ما زال المواطنون يذهبون إلى محطات الوقود دون أن يحصلوا على أي كمية منها. فأين تذهب كل هذه المعونات؟".
وينطبق الأمر نفسه على الأزمة الطبية في المستشفيات الحكومية أو تلك التي توجد بالقرب من مناطق المواجهات، حيث تشهد عجزا في المستلزمات الطبية والأدوية، علاوة على أن انقطاع الكهرباء بشكل تام، وانعدام مادة البنزين تسبب في مشكلات متعددة أدت إلى حالات وفاة للأشخاص الذين ترتبط معاينتهم بالأجهزة الطبية، وأدت أيضا إلى إغلاق مراكز طبية متخصصة في غالبية محافظات الجمهورية اليمنية، منها مراكز غسيل الكلى.
ويقول الطبيب عابد الصعفاني "لم نلمس أي تحسن في وضع المستشفى منذ بدء إعلان الهدنة الإنسانية، ومع أن الحالات المرضية بسبب الأحداث الجارية زادت أكثر من الضعف، إلا أن ذلك لم يقابله أي دعم للمستشفيات والمراكز الطبية".
ونبه إلى أنه في حال استمر الوضع الطبي على ما هو عليه، فربما تحدث كارثة كبرى تتمثل في إغلاق المؤسسات الطبية بشكل كلي، بعد أن ينتهي مخزونها من المستلزمات الطبية ومن مادة البترول التي تحتاجها المولدات الخاصة بالمستشفيات بعد توقف التيار الكهربائي.
ومع أن أكثر من 15 طائرة وصلت إلى مطار صنعاء، خلال الأسبوعين الأخيرين، من الصليب الأحمر ومنظمة أطباء بلا حدود، وهي تحمل مواد طبية، إلا أن غالبية مستشفيات اليمن ومراكزه الصحية لم تصلها أي كميات من تلك الحمولات.
وأكد مواطنون أن بعض المواطنين يحصلون على سلال غذائية من التي تحضرها مؤسسات الإغاثة، بينما يحرم آخرون بسبب ولائهم للشرعية ورفضهم الانقلاب. وأكدوا أن تلك المساعدات تصل إلى أيدي قياديين حوثيين يتولون توزيعها بانتقائية، على الموالين لهم، فيما يحتكرون غالبيتها لدعم ميليشياتهم التي تخوض حروبا في مدن يمنية مختلفة.