في لقاء إذاعي مع الأستاذ أحمد الحربي، طرح فكرة ومطلبا من وزارة الثقافة والإعلام، وهي تفريغ المثقفين والأدباء الذين لهم ارتباط مباشر مع المؤسسات الثقافية. أي: إتاحة الفرصة لهم وإعطاؤهم إجازة من أعمالهم الأساسية لممارسة العمل الثقافي والتفرغ له مع حفظ حقوقهم المادية.
هذه الفكرة رائدة جدا، وتخدم المشهد الثقافي، وتعلي من شأنه، وذلك بتخصيص الوقت والجهد له.
فحينما يكون الأديب والمثقف متفرغا صافي الذهن للعمل في المؤسسة الثقافية التي ينتمي إليها، فإنه حتما يضاعف ا?نتاج، وينشط الحراك الثقافي.
جاءت هذه الفكرة للأستاذ الحربي بعد أن رأى أن المنتسبين إلى الأندية الأدبية يبذلون جهدا كبيرا ليوفقوا بين العمل بها والعمل في وظائفهم الأساسية، وأنهم يعانون في سبيل إيجاد التوازن والتوافق بين "هنا وهناك" وبين التزاماتهم الأسرية، وعلى وجه الخصوص السيدات. فنسبة كبيرة منهن يعانين من عدم التفرغ لممارسة العمل الثقافي. وهذا يسهم في تغييبهن وغياب دورهن في النهوض بالمؤسسات الثقافية.
مشكلتنا في الوطن العربي: أننا نرى العمل الثقافي ثانويا لا أساسيا، لذا لا نخصص له جهدا ووقتا أساسيين يليق به وبدوره في بناء الأجيال فكريا ومعرفيا، فنجد ا?قبال عليه والاهتمام به محدودا جدا بل لا يتجاوز الباحثين والمثقفين، وربما لا يحضر أحدهم إلا حسب حاجته في الاطلاع على بحث معين أو ندوة تخصه.. في بلدنا تحديدا تصرف ميزانيات ضخمة للأندية الأدبية، وهذه الأندية تبذل جهودا جبارة في الملتقيات والمطبوعات والنشاطات المنبرية.
أليس من الطبيعي أن تكون هذه الأعمال أساسية يقوم عليها متفرغو الذهن والوقت؟
أليس لهم الحق في أن يكونوا أكثر عطاء في اتجاه واحد بعيدا عن التشتيت في عملين؟ أليس من حق الأندية أن يكون أعضاء مجالس إداراتها موجودين بشكل يومي يتدارسون الهم الثقافي ويراجعون أعمالهم ويفرحون سويا بإنجازاتهم؟
أعود وأقول، إن فكرة الأستاذ أحمد الحربي صائبة ورائعة، ولم يطرحها إلا من خلال خبرة ومعرفته بحاجة الأندية لوقت أكبر وجهد أعظم من ذلك الذي يكون خاطفا ومحدودا بأوقات الفراغ،
فهل تفعل الوزارة هذا.. وتعين المثقفين على العمل الثقافي؟