تقرؤون هذا الصباح مقالي الذي كتبته ضحى الأمس "متعمدا" من الشارع العام المقابل لبوابة ثانوية العرين من تعليم عسير، وفيما أتذكر، فهذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها مباشرة في الهواء الطلق ومن قلب الحدث، لماذا؟ لأنني أريد أن أشاهد بعيني مشاهد هذه المدرسة الثانوية التي أخرجت لنا شرف اسم الطالب السعودي النجيب في العنوان بعاليه، وهو يحصد لوطنه وأهله ومدرسته شرف الحصول على المركز الرابع في المسابقة العالمية الأولى والأعلى في مجال الطب الحيوي والعلوم الصحية. لماذا ذهبت إلى بوابة المدرسة؟ لأنني، وبجواب مباشر بسيط، كنت أريد أن أتأكد من جواب السؤال الآخر: هل كان هذا الطالب العبقري الوسيم الأنيق خراج عمل "جمعي" جماعي لمدرسة متميزة ونظام تعليم شامل "نوعي" أم أنه كان حالة فريدة منفردة، واسمحوا لي، شاذة استثنائية لا تعكس نسبة "صفرية" في مقاربات النسب الحقيقية لواقعنا التعليمي التي سأكتبها، وكما تستحق في "ذيل" المقال؟ أول ما صعقني بالأمس ليس إلا مقاربات الصور: على "جوالي" صورة عبدالعزيز يحيى علي الشهراني في مدرج جامعة "بتسبرج" ببدلة سماوية في غاية الأناقة ولكنني سرحت في الخيال وكأنني أشاهده قبل أسبوعين يخرج من بوابة المدرسة ذاتها وقد وضع شماغه "البالي" كحبل غليظ على كتفيه، مشمراً ثوبه إلى نصف فخذيه ليظهر "طراوة" السروال البالي كما يفعل السواد الأغلب من أصحابه في المدرسة ذاتها في الصورة الطازجة أمام عيني في هذه اللحظة. في الصورتين أمامي، كان عبدالعزيز يحمل علم بلاده على صدره أنيقا نظيفا مكتملا وهو يذهب لاستلام الجائزة في مسرح جامعة أميركية وفي الصورة النقيض، يظهر علم بلادي فوق المدرسة وقد ضاع نصفه بفعل الغبار وشدة الريح. في الصورة الخيالية الثالثة ضحكت بعمق: لماذا نتحول إلى "أوادم" حين نختم جوازات السفر إلى خارج الحدود لتخرج المرأة من دولابها عباءة أنيقة محتشمة حين تذهب ولو إلى "دبي"، ولماذا ظهرت صورة "عبدالعزيز" وكأنه مراهق "إيطالي" من "تورينو" حين ذهب من حي "العرين" إلى "بتسبرج"؟ والجواب النهائي سيأتي في ذيل المقال كما وعدتكم في أوله: هذا البطل السعودي كان حالة استثنائية، احتل رابع العالم في أعظم مسابقة بمجال الطب الحيوي والعلوم الصحية بينما تقول الحقيقة إننا في منتصف الثلث الأخير بعد المئة في التصنيف العالمي للتخصص ذاته، احتل رابع العالم بينما يقول تصنيف "اليونسكو" أننا في المرتبة "66" في قائمة جودة التعليم والرابعة عالميا في نسبة الصرف التعليمي على الفرد، انتهت المساحة.. شكراً عبدالعزيز.