"الخبث الكروي" مصطلح متداول من بين العوامل الإيجابية والقوية في الفوز، ويُسقط "رياضيا" على القوة والفراسة والنباهة والشراسة المحمودة و"الذهانة" وببلاغة أكبر "الشيطنة"، ولا يختلف عن شعارات كالمثل القائل: "اللي تغلب به العب به".
والخبث ضد الطيب وينقض المثالية التي تفسر في محيطنا أنها ضعف وجبن ومجاملة.
والمؤسف أكثر في جوانب عديدة أن الكثير من أنصار الأندية المتنافسة يريدون من "الرئيس" أن يكون "خبيثا" خارج الملعب وداخله، يهاجم هذا ويتهم ذاك ويرفع يده لثالث ويهدد رابعا ويرمي بالمشاكل والإخفاقات على الحكام بأقذع الألفاظ وأسوأ التصرفات.
وهناك من ضاع بين عدم القدرة على الدفاع عن ناديه وعدم القدرة على مجاراة "الخبثاء" لأنه تخلى عن مبادئه التي تعودها في نجاحه.
الجمهور بصفة عامة وجيل إعلامي، "يميل للأندية على حساب المهنة"، يحثون رؤساء الأندية أن يكونوا قياديي حرب يدمرون كل من أمامهم ويسحقون مسؤولي اتحاد القدم واللجان بالاتهامات والافتراءات والشائعات. والرئيس الذي لا يحمل مثل هذه الصفة "خبثا" و"تسلطا" لن ينجح في تحقيق البطولات ولن يكسب المباريات التنافسية التقليدية.
وفي هذا السياق ينساق آخرون، لا سيما الفاشلين مع هذه الأوهام ويتهمون "الناجح" أنه "شيطان" على اللجان وعلى الجهات الأخرى بما فيها وسائل الإعلام.
أنا لا أطالب نفي كل شيء، ولا يمكن أن أصادق على كل شيء، وبالتأكيد إن بعض الأحداث والمشاهد والأخبار تدخل بالمتابع في هذه المتاهة، لكن الأسوأ في مجتمعنا بشكل عام والرياضة أشهرها وأسهلها، تصديق "الشائعة" وتداولها أقوى من الحقيقة، مهما كان مستوى النفي، ولاسيما أن تراكم المشاكل وصمت الجهات المعنية أو تطنيشها تعزز الإيمان بالشائعات وعدم الثقة في الجهات المعنية.
وبالتأكيد إننا بحاجة إلى حزم وصرامة وقوة أنظمة وتفاعل سريع مع الأحداث وعمل أكثر عمقا لتحقيق العدل ومعاقبة المخطئين كل في موقعه ومجاله، ضمن سبل العودة إلى جادة النجاح رياضيا.
أما "المثالية" فإننا نتعاطاها في مجتمعنا بعكس قيمتها وبما يدمر معانيها وأسسها، وحينما يصمك أحد بـ"المثالي" فأنت ضعيف وجبان ومجامل وتستجلب رضاء المنافس وتتقي شر الأطراف الأخرى..!
وحين تتحدث بما يتصل مع الأنظمة واللوائح أو بمنهج تنافسي شريف ستكون في نظر الغالبية "مثاليا" ضعيفا مستكينا، ويدخل في المعركة المكشوفة من يمدح "تذاكيا" أو ساخرا فتثور ثائرة المنافسين، رغم أنهم يدركون "خبث" المادح في هذا المقام..!
ولو انتقلنا إلى الجانب الإعلامي بشكل أكثر دقة فإن الساحة تعج بمن يكتبون أو يتحدثون لخدمة أنديتهم ولا يتورعون في كيل التهم ومعاداة المنافسين والتفاخر بالتشجيع حتى لو اندمجوا مع الروابط في المدرجات. مقالات نتنة وأفواه فاغرة وأصوات مزعجة بألسنة تتمدد إلى اللجان والمدن كافة في طريقها إلى خارج الوطن. وتتواصل فصول المسرحية في أشهر ساحة حرية "تويتر" بالبحث عن أرقام جديدة تطوق رقابهم بالسيئات والبذاءة والقبح.
والحقيقة أننا في زمن القبيح طرد الجميل مع الاحترام لزملاء على قدر كبير من الخبرة والاحترام يواصلون حضورهم، لكن الصوت العالي والتناطح بين آخرين أقوى في ردة الفعل لدى المجتمع، ولذا باتت الرياضة هما سلبيا لدى جهات عليا.
والكثيرون لديهم انفصام شخصية بمتابعة من يمقتون خبثهم وغوغائيتهم..!
والحقيقة المرة أن "الدخلاء" بشكل عام استولوا على الكعكة الأكبر، وداؤهم يستشري في رياضتنا، لكننا لن نيأس، مؤملين إجراءات قوية وصارمة ولوائح وأنظمة أكثر قوة في إحقاق العدل وطرد كل من تسول له نفسه العبث بالوطن من خلال الرياضة.