الجميع تقريبا سبق أن سمع عن أزمة منتصف العمر، وهي مرحلة نفسية انتقالية غالبا ما يمر بها الرجال أكثر من النساء، وتحدث بالذات حين الاقتراب من الربيع الأربعين.
وبالطبع يفترض علماء النفس أن الإنسان يمسي في منتصف عمره أكثر نضجا وفهما لنفسه، وأكثر قدرة على التحكم وإدارة رغباته. هنا يبدأ الرجال والنساء بالنظر إلى الخلف والتفكير بما أنجزوه في حياتهم، وتقييم ما قدموه إلى الآخرين، دون إغفال ما حرموا منه وما كانوا يتوقون لتحقيقه، بيد أن مفاعيل الأزمة تبدأ هنا؛ ذلك أن الإنسان بطبعه مفعم بكثير من الأحلام والآمال، وكثيرا لا يستطيع تحقيقها على النحو الذي يأمله، وذلك لأسباب عديدة ومتنوعة، لذا يصاب بالاكتئاب وشيء من الحسرة والضياع.
للأسف قد يصبح الوقت متأخرا للبعض حتى يستطيع إعادة ضبط حياته بما يرغب، ذلك لأنه كان –وليعذرني قرائي الأعزاء- جبانا في أخذ زمام المبادرة في مسيرة حياته، فهو وبناء على توجيه الآخرين من اختار مساره الوظيفي، وهو من قرر الارتباط بشريك حياته، وهو من تنازل عن هواياته وعن ممارسة ما يحب، وبالطبع يستطيع أن يلقي أي أحد منا اللوم على الجميع، دون أن يشير إلى نفسه التي كانت السبب الأول في تراخيه وتنازله عن حقه المشروع في أين يعيش حياته كما يرغب هو، لا كما يقرر والداه أو شريك حياته، أو حتى مجتمعه المحيط.
لذا إن أردت أن تتجنب المخاطر الصحية والنفسية التي قد تنتج جراء أزمة منتصف عمرك، فعليك أن تعرف أن الوقت لم ينته ولتبدأ من الآن، بأن تفعل ما تريد أنت، لأنك إن فعلت ذلك فسوف تنجزه به بكثيرٍ من الإتقان والإبداع، وثق أنك سوف تتجاوز تلك العتبة وأنت تنظر إلى ماضيك بفخر مبهج وتتطلع إلى مستقبلك بروح سعيدة، والأجمل من ذلك –وأنت- أكثر تفاؤلا وفرحا.