كمسألة، أو معادلة رياضية؛ هل تنقص في الإسلام حقوق المرأة أمام واجبات الرجل تجاهها لمجرد أنه الأفضل!؟
خطر لي ذلك منذ أيام؛ حين تصفّحتُ بعض المواقع الرسمية لبعض المشايخ السعوديين؛ ووقعت عيناي في أحدها على عنوان كتاب صدر عام 2005م، قرأته حينها؛ لكونه ردة فعل ضد ندوة صحفية قمتُ بتنظيمها تحت عنوان "حرية المرأة في الإسلام" إبان عملي في صحيفة المدينة ونُشرت بتاريخ 22 ذي القعدة 1424هـ، والندوة الصحفية بموضوعها الشائك تناولت قضية المرأة السعودية بشفافية تهدف إلى الدفع بحقوقها للأمام، وأتذكر أني تواصلت مع عدد من المهتمات اللاتي اعتذرن لي عن المشاركة لحساسية موضوعها آنذاك؛ وشاركني فيها عدد من المثقفات البارزات اليوم؛ ورغم تباين اتجاهاتهن أجمعن على أن الإسلام ساوى بين المرأة والرجل، وحفظ كرامتها وحريتها؛ كأن تتعلم وتختار زوجها وتعمل وتشارك بصوتها سياسيا وفكريا وإبداعيا؛ وأن القوامة في الإسلام لا تعني السلطة بل تحمل مسؤوليتها؛ وقد انبرى أحد المشايخ بالرد على توصيات الندوة عبر مقالات نشرها في ملحق الرسالة بالصحيفة نفسها؛ ثم أخرجها في هذا الكتاب. والحقيقة أنني ما وددت الكتابة عن مضمون الكتاب؛ ولا الإشارة إليه أو لمناسبته؛ حتى لا يأخذ حيزا من الاهتمام والفضول الذي يدعو إلى ترويج فكرته المتطرفة القائمة على انتقاص مكانة المرأة في الإسلام أمام الرجل؛ فيتأثر بطرح المؤلف قارئ سطحي المعرفة أو لديه ميول متعسفة ضد المرأة، ويجد آراء المؤلف وهو شيخ معروف، مبررا لها؛ خاصة أن أحد أعضاء هيئة كبار العلماء الموقرين كتب مقدمة الكتاب يؤيد المؤلف على ما فيه؛ كما أن المؤلف تعرض للانتقاص من تفكير بعض ضيفاتي في الندوة واتهمهن بالجهل؛ وما دفعني اليوم إلى تناول كتابه؛ أنه خلال تصفحي للموقع الرسمي للشيخ المؤلف وجدتُ أنه تمّ تحميله أكثر من ثلاثة آلاف مرة؛ وجاوز تصفحه لـ 1200 مرة؛ وحين "قوقلت" عنوان الكتاب وجدته منتشرا بين عدد من المنتديات؛ ناصحين بالأخذ بما فيه؛ وهو أمر مقلق بسبب مضمونه المتشدد والضيق ضد المرأة في الإسلام . وحساسية الكتاب، تبدأ من لحظة قراءة العنوان وهو "الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام" فالمؤلف وهو الشيخ ربيع بن هادي المدخلي الذي كان رئيسا لقسم السنة سابقا بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة؛ يقرر من العنوان أن الكتاب يتكفل بتعريف الإسلام للحقوق والواجبات على الرجل والمرأة؛ ويؤكد على أن من يتفلت من ذلك كما يقول في (ص 12 )"ليس بالمؤمن؛ ويعتبر مستدركا على الله ورسوله"؛ مما يعني أن المسألة محسومة أمام القارئ؛ ويقول في (ص 16) "ولسوف أضع كلا من الرجل والمرأة في موضعه الذي وضعه فيه الإسلام دون زيادة أو نقص"، وأستغرب أن يرفع المؤلف عن نفسه حصول الزيادة أو النقص أو التقصير أو السهو أو الخطأ؛ فليس ذلك إلا للأنبياء؛ مع العلم أن ما تناوله في مجمله اجتهادات وآراء شخصية حول مسائل خلافية فقهية تجاه المرأة؛ اتكأ فيها على رؤيتها كمخلوق خلق لمتعة الرجل وسُخرت لخدمته فقط ! ولهذا تأتي خطورة الكتاب في حصر الإسلام في بعض الآراء الاجتهادية التي تتسم بالغلو؛ كيف..!؟
نكمل غدا.