كانت عزيمة أهالي القديح أمس أكبر من الفاجعة وإيمانهم أقوى من أحزانهم، إذ أعادوا الحياة أمس إلى مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بلدة القديح الذي شهد يوم الجمعة الماضي التفجير الإرهابي الذي أودى بحياة 21 شخصا، ورفع المؤذن صوته بالأذان معلنا طهارة المسجد الذي دنسته أيدي الإرهاب بالدماء وأشلاء الضحايا، ليعود المصلون ويصطفوا لإقامة صلاة الظهر.

وخلال نحو 48 ساعة تمكن أبناء بلدة القديح من إعادة الحياة للمسجد الذي ودع مصليه في آخر صلاة أقيمت فيه بين شهيد وجريح، لتعود صلاة الظهر وفي ذات الوقت الذي حدث فيه الانفجار.

ومنذ اليوم الأول لحدوث التفجير الآثم، بدأت أعمال التنظيف في المسجد بعد استيعاب الفاجعة وحصر الشهداء والجرحى، حيث شارك أهالي البلدة بمساعدة متطوعين من مختلف مناطق المحافظة في رفع الأنقاض التي غطت أرضية المسجد، جراء تساقط الديكورات وتكسر زجاج النوافذ والأبواب وتناثرها في أنحاء المسجد، بالإضافة إلى الدماء والأشلاء التي تناثرت على الأرض والجدران وملأت أرضيته، كما أخرج الأهالي جميع الأنقاض من المسجد وبقايا الأثاث والفرش والمكيفات وتفريغ المسجد بشكل كامل، بعد العمل في عملية مضنية استمرت منذ عصر يوم الفاجعة وحتى وقت متأخر من مساء أمس، تضمنتها لحظات صعبة عاشها المتطوعون كلما وجدوا خلال تنظيفهم أشلاء بشرية تعود لأبناء بلدتهم.

وأعقبت إخلاء المسجد من الأنقاض والأثاث عملية التنظيف والتطهير والتي كانت عبر لجنة المسجد وعدد من اللجان التطوعية التي تم تكوينها بعد الحادثة لتنظيم وتنسيق جهود التطوع، حيث غابت البلدية عن أعمال رفع الأنقاض والتنظيف، وحضر الدفاع المدني في مرحلة التطهير.

إلى ذلك، يؤكد أحد القائمين على المسجد علي العوى أن جميع أعمال التنظيف ورفع الأنقاض كانت بجهود أهالي القديح بمساعدة متطوعين من مختلف محافظة القطيف حضروا للمشاركة في أعمال التنظيف وباقي أعمال اللجان الأخرى، مشيرا إلى أنه تم في اليوم الأول رفع الأنقاض، لتنظيف المسجد لمواصلة إقامة صلاة الجماعة فيه.

وأوضح أنه خلال عملية التنظيف وبعد رفع الأنقاض تم جمع الأشلاء ونقلها للمغتسل، وتنظيف المكان وتطهيره بالماء بجهود الشباب المتطوعين وبمساعدة من الدفاع المدني، حيث حضرت فرقة من الدفاع المدني للمسجد وأسهمت مع الأهالي في عملية تطهيره، مشيرا إلى أنه خلال عملية التنظيف تمت إزالة المكيفات القديمة والأجهزة الكهربائية الأخرى والعمل على إعادة توصيلات الكهرباء للتأكد من سلامتها ليتم بعدها تشغيل الكهرباء بالمسجد ومواصلة إقامة الصلاة من جديد.

إلى ذلك، تشارك 11 لجنة منبثقة عن اللجنة الرسمية لضحايا قرية القديح التابعة لمحافظة القطيف اليوم، في تشييع 21 شهيدا من ضحايا الحادث الإرهابي، وذلك بعد أن عملت خلال الأيام الماضية على تجهيزات مراسم التشييع وتوزيع مهمات اللجان بشكل يغطي كامل الأعمال اللازمة لمراسم التشييع والدفن والعزاء، بمشاركة مئات المتطوعين ممن يعملون بشكل دائم في شوارع القديح وبين مقبرتها ومخيمات العزاء. وذكرت اللجنة المنظمة لمراسم التشييع أن استلام الجثامين سيكون صباح اليوم من قبل مجموعة من أعضاء اللجنة ليتم نقلها وتوزيعها على المغتسلات المخصصة من قبل اللجنة سابقا، فيما تبدأ مراسم التشييع في الثالثة والنصف عصراً.

وأشارت اللجنة إلى أن اللجان العاملة في مراسم التشييع تضم: لجنة التنسيق العام التي تتولى التنسق بين جميع اللجان والأهالي والجهات الحكومية اللازمة لإنهاء ترتيبات الدفن، ولجنة السير والحركة التي تعمل على تنظيم السير والحركة، وتحديد مواقف السيارات، وتنظيم حركة المشاركين في التشييع، فيما تتولى لجنة الأمن والسلامة ترتيب الحشود بشكل آمن ومنع حصول أي مخالفات أو تجاوزات تضر بالمشيعين، أما اللجنة الطبية فتعمل على مساعدة ذوي الشهداء وتقديم المساعدة الطبية اللازمة في الحالات الطارئة التي قد تحصل بسبب الحشود.

وأضافت، كما تختص اللجنة المالية بإدارة التبرعات المالية في المصاريف اللازمة التي تحتاجها اللجان لأداء أعمالها، وتتولى لجنة شؤون الشهداء ترتيب أمور الغسل والدفن وتوزيع الشهداء على المغتسلات، ومن ثم نقلهم إلى المواقع المخصصة بدءا من التشييع حتى الدفن، فيما تعمل لجنة التغذية والتموين على توفير مياه الشرب والعصائر والغذاء للمشاركين في التشييع والعزاء، وتوفير الحاجات الغذائية اللازمة لذوي الشهداء.

وأشارت اللجنة المنظمة إلى أن لجنة مراسم التشييع تتولى مسؤولية التنسيق بين استلام الجثامين وأماكن غسلها وتشييعها ودفنها، فيما تتولى لجنة الخطابة والحفل مسؤولية ترتيبات العزاء، وتنظيم الكلمات التي ستلقى خلال التشييع وخلال فترة العزاء المحددة في مواقع التعزية الرسمية للضحايا، أما اللجنة الخاصة بالإعلام فتعمل على التواصل مع الإعلاميين ووسائل الإعلام وتزويدهم بالأخبار المستجدة والصور، وتصدر عنها البيانات الإعلامية الخاصة بكامل اللجان، وتضم كوادر تتواصل مع وسائل الإعلام بعدد من اللغات، بالإضافة إلى العمل على جمع وترجمة الأخبار المنشورة حول الحادث، أما لجنة العلاقات والاستقبال فيتم من خلالها تنسيق الزيارات للزوار والمسؤولين.