بداية؛ أفتتح مقالي بنقطة إعجاب وتقدير بشأن إعلان لجنة الاستقدام بمجلس الغرف السعودية على تقديم استقالة جماعية لـ25 من أعضائها، وهي في واقعها خطوة إيجابية قلما نشهدها تصدر من المسؤولين.
نعم، كان بودي أن يرافق هذه الاستقالة الاعتراف بالتقصير والإهمال كما هو الحال في الدول المتقدمة، إذ إنه إذا حصل خلل أو خطأ في أداء أي مؤسسة أو جهاز، فإن صاحب القرار يعلن تحمله المسؤولية، ويقدم اعتذاره ويستقيل، فذلك أفضل من إلقاء اللائمة على الآخرين حسبما ورد في البيان الرسمي وعبارة: "أن هناك من يطلق تلك الإشاعات لأهداف ربما تكون شخصية".. وكأن هناك مؤامرة خفية تُحاك ضد اللجنة!
إنني أعتقد أن القضية المطروحة عندما تصبح قضية رأي عام تتناقلها مواقع وسائل الإعلام المختلفة، ويتحدث عنها عموم الكُتاب والإعلاميين؛ فلا بد للجهة المسؤولة أن تتعامل بشكل سريع وشفاف، وتشرح كل تفاصيل الخلل وتعترف بأخطائها حتى تكسب احترام الناس، خصوصا أنه ليس هناك أي عمل بمنأى عن الأخطاء، ومن الخطورة بمكان أن يجلس على كرسي المسؤولية من يمتلك رصانة التبرير وبراعة التمويه، لتكون النتيجة الاستمرار في سيناريو الأخطاء المتكررة.
عموما، دعونا من تفاصيل الاستقالة ونركز في المفيد عن لجنة الاستقدام، وأن الهدف من وجودها في الأصل هو محاولة سد فراغ وزارة العمل التي لم تكن تعطي هذا الملف الاهتمام الكافي، والنتيجة تفاقم المشكلة من سيئ إلى أسوأ والضحية هو المواطن المسكين، والحق أننا سئمنا من الوعود المتكررة والتصريحات المملة من اللجنة ووزارة العمل، وآخرها التصريح بدخول العمالة الهندية والبنغالية، وأن الأزمة في طريقها إلى الحل! "ندور ونكور" في المشكلة ذاتها! ولأن الأسرة السعودية هي الطرف الغائب، أعتقد أنه من الأهمية إعطاء الجمهور فرصة المشاركة لحسم هذا الملف الحيوي، وفيما يلي سأعرض أهم المقترحات لحل هذه الأزمة:
أولا: الاستغناء عن اللجنة الوطنية للاستقدام واستبعاد وزارة العمل عن هذا الملف.
ثانيا: تأسيس مؤسسة مدنية أو جمعية مستقلة متخصصة للعمالة المنزلية، تمثل المواطنين وتحفظ حقوقهم، وتستلم الشكاوى، وتتخذ كل التدابير لحماية المواطن من جشع مكاتب وشركات الاستقدام.
ثالثا: تشكيل لجنة عليا حكومية للاستقدام تابعة لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، تتولى بشكل مباشر متابعة التقارير الدورية والدراسات والنتائج التي تصدرها المؤسسة الأهلية.
رابعا: إشراك المواطنين بكل شرائحهم الاجتماعية من خلال ممثلين لهم في عملية التفاوض وتوقيع الاتفاقيات الإطارية مع الدول المستقدم منها، لتكون هذه المؤسسة المجتمعية هي من تحدد قبول أو رفض بنود الاتفاقيات، وليس كما كانت لجان التفاوض في لجنة الاستقدام وكأنها تدير مفاوضات سرية لبرنامج نووي!
خامسا: توقيع مذكرة تفاهم بين اللجنة العليا الحكومية والمؤسسة الأهلية، وتحديد قوائم أسعار الاستقدام، وتحديد مدده، وتنفيذ العقوبات الرادعة ضد المتلاعبين من السماسرة والمكاتب وشركات الاستقدام.
خلاصة القول: ملف الاستقدام هو ملف مجتمعي بامتياز، ولذلك من الأهمية المسارعة في فتح المجال لمؤسسات المجتمع المدني كي تمارس دورها وتقوم بواجباتها التنموية.