بقيت جدلية الرواية والسينما مطروحة على طاولة النقاش، على الأخص فيما يتعلق بمن يضيف منهما إلى الآخر؟!.
وفي وقت يشتكي فيه بعض الكتاب من أن تحويل أعماله الروائية إلى أعمال سينمائية أساء إليها، وخرج بها عن مضمونها وغاياتها، يرى آخرون أن العمل السينمائي يبقى رؤية خاصة بمخرجه، وربما يمثل نصا آخر موازيا برؤية ومعالجة بصرية مختلفة.
في المقابل يرى كثيرون أن السينما بما تمتلكه من أدوات يمكنها أن تروّج للنص الروائي وتضعه في بؤرة الاهتمام، بل وربما تضيف له بعدا آخر يفوق حتى النص الروائي الذي أُخذت منه، كما فعل فيلم "الأرض" الذي أخرجه يوسف شاهين بعبقرية مدهشة عن رواية عبدالرحمن الشرقاوي التي تحمل الاسم نفسه.
وتمضي الأفلام المأخوذة من روايات دان براون المشوقة على النهج ذاته، فقد لاقت بدورها أصداء عريضة مثل "شفرة دافنشي" و"الرمز المفقود" و"الجحيم" و"ملائكة وشياطين"، ويكفي أن نذكر أن "شفرة دافنشي" الرواية وليس الفيلم اعتلت قائمة "نيويورك تايمز" كأكثر الكتب مبيعا على الإطلاق، ما يشير إلى أن العمل الروائي الجيد يمكنه أن يكون عملا سينمائيا جيدا إن صادف مخرجا يمتلك أداوته ورؤيته مثل يوسف شاهين أو رون هوارد، ما يقودنا للقول إن من شروط نجاح تحويل الرواية الجيدة إلى عمل سينمائي ناجح، وجود مخرج يجيد القراءة، ويمتلك خلفية واسعة من الثقافة تجعله أكثر كفاءة في سبر أغوار النص الروائي الذي يتعامل معه، وتجعله أكثر إخلاصا لتقديم العمل الروائي برؤية سينمائية لا تعطله ولا تؤثر في مضمونه، بل تضفي عليه مظهرا سخيا أكثر عبر استخدام تقنية السرد بالصورة، خصوصا أن رولات بارت يرى أن السرد يمكن "أن تحتمله اللغة المنطوقة شفوية كانت أم مكتوبة، كما يمكن أن تحتمله الصورة ثابتة كانت أم متحركة".
ومن هنا أتوقف عند ما ذكره الناقد والكاتب طارق خواجي حينما أشار إلى أن ضعف التمويل حال دون تحويل روايات السعودية رجاء عالم إلى أفلام سينمائية، وهي ملاحظة تشير إلى عدم الإيمان بأهمية أن تتحول أعمال السعوديين المتميزة إلى أفلام تضع الأدب والثقافة السعودية في دائرة الاهتمام والمتابعة بشكل أكبر يما يحقق لها انتشارا أوسع تستحقه، ويجدر بها أن تحظى به.