لا أجزم أنني خبير في التحليل النفسي، ولكن في اللحظة التي صعد فيها الأمير سلطان بن سلمان إلى الفضاء، أدركت أن نفسية هذا الرجل مختلفة عن جيله.
التكوين النفسي الذي يتميز به الأمير سلطان هو تفاعلي، أي أن إيجابيته الداخلية التلقائية يتم إعادة تدويرها لتخرج إلى مجتمعه ونطاقه الخاص الذي ينشط فيه.
هو مؤمن بالأدوات النفسية التي تختار إيصال رسائل إيجابية بدلا من جلد الذات ونشر ثقافة الإحباط، كأن يقول: "الشباب السعودي ليس كسولا"، لذلك هو متوتر بالإيجابية، وينقل الأمل والعدوى الحميدة في كل مساحة ينتقل إليها.
لاحظوا الدور الذي يقوم به الرجل حاليا في التنشيط السياحي، لم يكل ولم يتعب ليحول "السياحة" إلى شريان يدر مليارات الريالات ضمن منظومة الاقتصاد البديل، وكي لا يتم فتح "السياحة" ومؤسساتها على العمالة الأجنبية، اتجه سلطان بن سلمان إلى ما يسمونه Win Win situation، أي أن السياحة ستكون سببا أيضا لخفض مؤشر البطالة واحتواء ألوف السعوديين في قطاعها.
ولتأمين ذلك، كان عليه أن يقوم بجولات بين وزارة العمل وصندوق الموارد البشرية ومؤسسة التعليم التقني مع كليات التميز السياحي، وذلك لتأمين المنصة البشرية التي
ستشغل مرحلة الاندفاع تجاه الاستثمار السياحي.
لو نوّمنا الأمير مغناطيسيا، سنكتشف تكوينه النفسي بشكل أكثر عمقا. فهو يتحدث عن تاريخنا مدفوعا بقناعة داخلية وليس مجرد لغة تسويقية يحتاج إليها لتنشيطه السياحي.
كان ذلك جليا في برنامج "على خطى العرب"، إذ فكك النظرة السائدة بأن السعودية فقط "براميل نفط"، هي أيضا خزان من التاريخ يمتد في أعماق الجزيرة العربية التي شهدت حقبا تاريخية مهمة ومؤثرة في التاريخ الإنساني. علينا أن نرى شغفه واندفاعه وهو يتحدث بعين من رأى الأرض من علو حين صعد إلى الفضاء.
كان لزاما عليّ أن أنظر إلى التكوين النفسي لشخصية الأمير سلطان، وأن أحاول لفت الانتباه إلى أن الإيجابية ليست "مانشيتات" بالنسبة إليه، إنما هي ممارسة يومية حياتية، وأن تأثيرها حقيقي فعلا عندما نتفاءل ونفترض الخير في واقع ربما يراه بعضنا شرا.. فمن الرسائل الإيجابية ينهض الإنسان.