أن تقتل حلم واحد فأنت خلفت دمارا كبيرا، لأنك سلبته أهم ما يملك.. الأمل والحلم، فما بالك أن تقتل 15 ألف حلم، أي كارثة هذه؟!

منذ بداية العام الحالي ووزارة التعليم تقتل حلما تلو الآخر، تستقبل الطلاب الراغبين بالدراسة على حسابهم الخاص في الملتقيات التي يجبرونهم على حضورها للحصول على موافقة الدراسة ومن ثم بعد توعيتهم وتدريبهم على آداب الابتعاث وطلب العلم في الخارج يوعدونهم بأنهم سيتم ضمهم للبعثة بعد 4 أشهر من دراسة اللغة. معظم الطلاب الراغبين بالدراسة على حسابهم الخاص بنوا أحلامهم وفق استطاعتهم بميزانيات صغيرة اقترضوها وطلبوها دعما من أولياء أمورهم، والبعض منهم باع أشياءه الثمينة من أجل أن يحقق حلمه في طلب العلم. أحد هؤلاء الطلاب بعث لي برسالة يشتكي فيها قتل وزارة التعليم لحلمه ويقول:

"أنا شاب تحملت مسؤولية والدتي بعد وفاة والدي، رحمه الله، التحقت بوظيفة متواضعة بشهادة الثانوية العامة وقررت أن ألتحق بجامعة سعودية لدراسة البكالوريوس بنظام الانتساب وجاهدت كثيرا لكي أوفق ما بين مسؤولية أمي وزوجتي وأطفالي وبين عملي ودراستي حتى تخرجت، ولله الحمد، ولأن حلمي الحصول على الدكتوراه قررت أن أتجه لوزارة التعليم للحصول على بعثة ولم يتم قبولي ولكن وعدني أحد مسؤولي إدارة الابتعاث بأنه يمكنني أن أذهب للدراسة على حسابي الخاص لمدة أربعة أشهر ومن ثم يتم ضمي للبعثة أثناء دراسة اللغة"... ويكمل شكواه ويقول: "اقترضت من البنك وقدمت استقالتي من عملي وحملت حلمي الكبير وأمي وزوجتي وأطفالي بميزانية تكفيني لمدة 8 أشهر وذهبت متكئا على هذا الوعد الذي كرره مسؤولو الوزارة أثناء حضوري لملتقى الطلاب الدارسين على حسابهم الخاص بالخارج، وهو ما شاهدته أيضا من تجارب الطلاب الدارسين على حسابهم الخاص الذين سبقوني وتم ضمهم للبعثة بعد دراسة 4 أشهر للغة، وسافرت إلى أميركا قبل بداية الدراسة بفترة قليلة توفيرا للميزانية والتحقت بالجامعة لدراسة اللغة، وحققت نتائج جيدة في تقارير الأربعة الأشهر الأولى ورفعت طلب الإلحاق بالبعثة وكلي أمل بأن يتم ضمي فورا، كما حدث مع زملائي الذين سبقوني وتنفيذا لوعد الوزارة، ولكن كانت خيبة الأمل كبيرة. تم تعليق طلبي للانضمام إلى برنامج الابتعاث دون أي تبرير من الوزارة ولم يتم الرد عليه وانتظرت طويلا الرد الذي لم يصل حتى الآن ونفدت ميزانيتي ولم يعد معي أي مبلغ ومن ثم قررت العودة إلى السعودية بعد أن حصلت على تذاكر السفر من سفارة السعودية من واشنطن التي شرحت لها أنه لم يعد لدي المال لشرائها، وخسرت وظيفتي ومالي الذي اقترضته وزوجتي التي عادت غاضبة إلى بيت والدها مطالبة بالطلاق بعد أن خسرت كل شيء ولم أعد أملك أي شيء لأتحمل مسؤوليات أسرتي المادية".

هذا الطالب هو أحد الطلاب الـ15 ألفا الذين عطلت وزارة التعليم طلباتهم دون أي تبرير رسمي حتى الآن. ودون أي رد من وزير التعليم الذي تتواصل مطالبات البت في مشكلتهم على طاولة مهام وزارته ولكنه حتى الآن لم يفعل أي شيء حيالها، لم يرد حتى على مطالبات البرامج الإعلامية والكتاب الصحفيين الذين ناقشوا هذه القضية في الصحف والقنوات الفضائية.

إذا كان لوزارة التعليم أي مبرر فلتعلن عنه علنا نلتمس لها العذر في قتل 15 ألف حلم، العذر الذي مهما كان مبرره إلا أنه لن يقبله المجتمع ولن يغفره الطلاب الذي يعانون الغربة وارتفاع تكاليف المعيشة.

إذا كان لدى وزارة التعليم حلول فلتعلن عنها وتفرج عن هذه الأزمة، ولكن التجاهل والتأجيل والتأخير وتعليق طلبات الانضمام للبعثة بهذا الشكل لا يتناسب مع زمن الحزم والحسم في عهد الملك سلمان الذي حتما لن يرضيه ما يحدث لأبنائه الدارسين على حسابهم الخاص في الغربة.

معاناة الطلاب الدارسين على حسابهم الخاص لم تعد تحتمل كل هذا التأخير في البت بحل مشكلتهم، ولذلك يجب على وزارة التعليم أن تواكب تطلعات القيادة منها، وتكون على قدر المسؤولية وتقفل هذا الملف المتضخم المهمل على طاولتها.