في معظم دول العالم يتجه الناس إلى التعليم الأهلي لأنهم يجدونه مختلفا عن الحكومي، فالتعليم الحكومي رغم جودته إلا أنه متاح للعامة، ومن أراد أن يحصل على تعليم نوعي، فعليه أن يدفع من ماله الخاص، ويتجه إلى المدارس الأهلية لكي يميز أبناؤه بتعليم مختلف.
أما الوضع لدينا فمختلف جدا، فالتعليم الأهلي على علاقة عكسية مع نظيره الحكومي، فالمدارس الحكومية أصبحت اليوم تشيد على أحدث طراز، وتجهز بأحدث التجهيزات، وفي المقابل هناك نسبة كبيرة من المدارس الأهلية لا تزال في مبان لا تصلح لأن تكون مدارس، فالتجهيزات فيها متواضعة والمحتوى أقل بكثير مما يقدم في المدارس الحكومية؛ حتى إن الطالب الذي بات يصعب عليه التعليم الحكومي وخاصة في المرحلة الثانوية ويخشى الحصول على الشهادة الثانوية بمعدل متدن ما عليه سوى التوجه إلى أقرب مدرسة أهلية، "وعليه المال وعليهم الباقي".
دعونا نتساءل بشفافية: ماذا يعني الإقبال الكبير من طلاب الصفوف العليا بالمرحلة الثانوية على بعض المدارس الأهلية؟ وماذا تعني الفجوة بين نتائج الاختبارات التحصيلية التي ينفذها مركز قياس، ونتائج الثانوية العامة لخريجي بعض المدارس الأهلية؟
ليس هناك تفسير -في نظري- سوى أن ما يُقدم في المدارس الأهلية ليس تعليما حقيقيا بقدر ما هو امتيازات خاصة تُمنح لطلاب لا يجدونها في المدارس الحكومية الجادة، ولذلك لا نبالغ إذا قلنا إن بعض المدارس الأهلية أقرب إلى مؤسسات الربح السريع منها للمؤسسات التربوية، فهي تبالغ في الرسوم وتُقدم محتوى تعليميا ضعيفا وتبخس معلميها حقوقهم.
من عهدة الراوي:
واقع بعض المدارس الأهلية يشير إلى أن التعليم الأهلي لدينا لا يدار بفكر تربوي، بل بفكر تجاري بحت؛ فالمؤمل من وزارة التعليم أن تنهض بمستوى التعليم الأهلي بما يواكب مشاريعها التطويرية، لكي يكون تعليما مختلفا عن التعليم العام من حيث المحتوى، أو على الأقل موازيا له، فلم نعد بحاجة لمزيد من دكاكين بيع الشهادات.