اشتعلت المظاهرات أول من أمس في شمال إيران، وتحديدا في مهاباد بعد انتشار خبر انتحار الفتاة الكردية "فريناز" برمي نفسها من الدور الرابع من الفندق الذي تعمل فيه هربا من ضابط مخابرات إيراني حاول اغتصابها.

عنصر الاستخبارات الصفوي قدم خدمة لصاحب الفندق بترقيته لخمسة نجوم مقابل أن يتعامى عن محاولة الضابط التحرش بالفتاة واغتصابها فما كان منها كحرة شريفة إلا رمي نفسها لتلقى مصرعها على الرصيف، فثار الأكراد وأحرقوا وهاجموا مقر الاستخبارات وأضرموا النيران في كل مكان. ونقلت وسائل الإعلام العالمية صوتا وصورة تلك المناظر للفوضى الأمنية في صفوف القوات الفارسية من شرطة ومكافحة شغب وهم يحاولون عبثا تهدئة الجماهير الغاضبة.

لنبتعد قليلا عن الجانب الإنساني والاجتماعي من القصة رغم التعاطف الشديد مع الفتاة وأسرتها وإخواننا الأكراد المظلومين المحكومين بالحديد والنار من حكومة الإجرام الصفوية في طهران، ولنتحدث من منظور سياسي واستراتيجي بحت.

العدو الفارسي يتدخل في الشؤون العربية بل في أدق التفاصيل، ويسيطر على القرار السياسي في دول كسورية ولبنان ويهيمن على كل شيء في بعضها الآخر كالعراق واليمن. ودون خجل يتحدث كبار مسؤوليه بفخر وتباه بسيطرته على أربعة عواصم عربية ويصدر ثورة التشيع السياسي والعنصرية والطائفية البغيضة علنا، والأمر ذاته يفعله عملاؤه كحسن زميره في لبنان والحوثي وبشار والمالكي وغيرهم حيث يصرحون بتبعيتهم للولي الفقيه، وأن طهران المرجع والملجأ والقيادة. علنا تتدخل إيران بالسلاح والمال والرجال من أجل مشروعها الفارسي لاستعادة تاج كسرى الذي قال رسولنا عليه السلام إنه "حين يهلك كسرى فلا كسرى بعده" لكنهم يتجاهلون الحقائق الدينية ونواميس الكون الإلهية. منذ عهد الخلفاء الراشدين جعلوا الإسلام ذريعة من أجل عودة فارس الكبرى والسيطرة على جزيرة العرب وسواد العراق، وهذا واضح لمن يقرأ التاريخ وله اطلاع على اللاهوت ودرسه بتأن، فكيف لمن يدين بدين رسول الله أن يتهم أمنا عائشة الطاهرة التي برأها الخالق من فوق سبع سماوات، ويكفر ويلعن أول وثاني خلفاء المسلمين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما!

بتواطؤ قوى عالمية كبرى كأميركا ودعم روسيا وتجاهل الصين وعدم اكتراث أوروبا الغربية يعمل الصفويون ليل نهار دون كلل أو ملل. ما حصل من ثورة كردية يفترض أن يجعلنا من منظور سياسي نفكر مليا بتلك المدينة وأعني "مهاباد"، فهذه المدينة الإيرانية حاليا عاصمة لجمهورية مهاباد الكردية التي أسقطها النظام الفارسي بعد سنة من قيامها بتواطؤ أميركا أيضا في العام 1946. دولة مهاباد كانت ولا تزال حلما لإخواننا الأكراد المسلمين لاستعادة دولتهم "مهاباد" الكبرى المحتلة. ستنتقل المعركة إلى داخل حدود إيران التي تمكنت من تفتيت بعض العواصم العربية والسيطرة عليها كليا أو جزئيا. تلك الثورة المباركة في "مهاباد" من أجل "فريناز" لو وجدت عملا عربيا إسلاميا جادا فستعود الدولة الكردية، وفي هذا دعم لإخواننا المسلمين وإضعاف للعدو الصفوي وتعطيل لمسيرة المشروع الفارسي المدعوم أميركيا من تحت الطاولة وخلف الكواليس.

حين لا تخجل إيران كدولة مما تفعله في دول العرب فلماذا لماذا لا تدعم جامعة الدول العربية -وعلنا- الثوار البلوش الذين يعانون الأمرين من احتلال الفرس لأراضيهم وهم حاليا والأحوازيون والأكراد في حالة ثورة؟ أعتقد أن كل ذلك لا يغيب عن الدول العربية، خاصة وأن إخواننا عرب الأحواز وأكراد مهاباد وثوار البلوش يطلبون في كل مناسبة دعم إخوانهم العرب والمسلمين لقضاياهم العادلة، وقد شاركت شخصيا في لقاءات تلفزيونية عدة ومناسبات إعلامية مع كثير من قياداتهم وسمعت ورأيت حرصهم على ذلك، فلماذ لا تتحرك أنظمة المنطقة لمساندتهم؟ المشروع الفارسي المجوسي (من أجل أحلام استعادة المجد المجوسي الذي أطفأ ناره العربي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقضى على ثلاثة آلاف سنة من ملك بني ساسان) يمضي قدما برعاية غربية عن طريق تصدير الطائفية منذ أن جاء الغرب بالخميني بطائرة إلى مطار طهران وانقلب على الشاه الذي يزور مصر.

ثورة "فريناز" الكردية هي أوائل تباشير سقوط دولة إيران الحديثة إن بدأت الاستخبارات العربية دعمها الحقيقي والمنظم بتوجيه السياسيين وصناع القرار، فكل شيء واضح والصراع لم يعد تحت الطاولة أو سرا. الجمهورية الإيرانية نظام سياسي آيل للسقوط ويحتضر بسبب الفقر والبطالة والصراعات الداخلية في بلد غني بالنفط والغاز. لا بد أن تقف أنظمة المنطقة خلف المستضعفين من العرب والمسلمين داخل حدود إيران الجغرافية وتطهيرا لبعض دول الجامعة العربية التي تحتلها إيران من رجس المحتل المجوسي المتدثر بعباءة التشيع. كي يعلم الفرس أنهم حين يتدخلون في شؤون العرب ويزرعون الفتن ويحاربوننا في أرضنا؛ أن هناك رجالا يتابعون المشروع الفارسي المدعوم أميركيا وأنهم شوكة في حلقه، ولرد كيد العدو في نحره ورد الصاع صاعين، ولتكن "فريناز" تباشير السقوط من أجل مستقبل عربي آمن.