تعيش الأندية السعودية الآن مرحلة ما قبل الخصخصة، وتعيش معها الأندية حالة ترقب وانتظار لمرحلة الخصخصة التي فيها ستتحول ملكية الأندية من القطاع الحكومي إلى القطاع الخاص، مما يعني رفع القيود البيروقراطية كافة التي يفرضها القطاع الحكومي على النادي الرياضي، أو أي قيد اجتماعي أواقتصادي على المستثمر الرياضي، عندها سيجد المستثمرون والتجار الطمأنينة والفضاء الرحب حتى يمارسوا حريتهم التجارية من خلال النادي والذي سيتحدد ثمنه وفق قاعدة (العرض والطلب).
قد يدرك أو يتنبأ المشجع الرياضي بأن الخصخصة ستجلب له إنتاجية أكبر وأداء أرفع وخدمات أفضل تضمن له الحد الأدنى من الرفاهية والفخامة، ولكنه لا يعلم أن الخصخصة تعني أن ناديه المفضل سيدخل أبواب المجتمع التجاري الحر ويصبح ذاتي التنظيم، يسعى من خلاله المستثمرون إلى تحقيق أقصى مصالحهم الذاتية.
وتخصيص النادي وانفراده بذاته واعتماده الكلي على أموال (المستثمرين)، لن يكون متاحا حتى يصبح المجتمع الرياضي نفسه متقبلا لمبدأ (الحرية الاقتصادية) أو بمعنى أوضح يجب على المجتمع الرياضي أن يتبنى كل مفاهيم (الليبرالية الاقتصادية)، فكل مدارس وأشكال الليبرالية قائمة على مبدأ (الحرية) وهي في عالم الاقتصاد الرياضي والخصخصة سيكون معناها: إتاحة الحرية الكاملة لرؤوس الأموال ومنح المستثمرين الفضاء الحر، مؤكدة بذلك انتصار السوق وترسيخ هيمنته، لذا وجب على المشجع أن يعي جيدا أن الخصخصة -بشكل أو بآخر- ليست إلا شكلا من أشكال الليبرالية الاقتصادية.
والوسط الرياضي الآن ومع أننا نعيش مرحلة (ما قبل الخصخصة) شهد تواجد رجل الأعمال والمستثمر، مع أن الأندية لاتزال ملكيتها خاضعة للقطاع الحكومي، وكل هؤلاء التجار والمستثمرون يتظاهرون بأن هذه الأندية قائمة على أموالهم الخاصة، وهنا يتبادر للذهن السؤال التالي: كيف وصل التاجر لهذه المرحلة المتقدمة من الأريحية والإيثار حتى يتبرع لمنشأة حكومية ويصرف عليها من أمواله الخاصة؟ ومن وجهة نظري لا أعتقد أن التاجر أو المستثمر قد وصل لهذه المرحلة من السذاجة، حتى يبدد أمواله الطائلة في منشأة حكومية لأنه ببساطة يريد أن يحقق الشهرة.
ففي مرحلة ما قبل الخصخصة، كل الأندية مديونة وخصوصا الأندية الخمسة الكبار (ماليا)، يعاني فيها اللاعب من تأخر رواتبه، ولا يوجد في خزينتها فائض أموال ولا يوجد بها أرباح مهما تحصلت على عقود رعاية، وتزخر بشتى أنواع الحواجز والعوائق التي تعرقل حرية السوق والاستثمار.
مرحلة ما قبل الخصخصة هي مرحلة محبطة لا تدعو للتفاؤل بالنسبة للمستثمر ورجل الأعمال، ولكن رجل الأعمال لايزال متواجدا، ومتمسكا بتواجده، ولا تستطيع أي قوة زحزحته عن التواجد والظهور في الأوساط الرياضية، مع أن الوسط الرياضي الآن لا يعده بأي أرباح وعوائد مالية، لا على المدى القصير أو الطويل، ولا يحقق طموحاته المالية أو الاستثمارية.
لن أمنح القارئ هنا أي نهايات ميلودرامية فيما يتعلق برجل الأعمال ومصيره في الوسط الرياضي، وسأضع له حرية اختيار الخاتمة: وخلالها سيضع القرار بنفسه حول الأندية الرياضية وكيفية إعالتها في مرحلة ما قبل الخصخصة.