في زحمة الأحداث الكروية وتسليط الضوء عليها تضيع الألعاب الأخرى، حتى تلك التي تسطر أروع الانتصارات فتبدو حتى في صحافتنا مجرد خبر لا أكثر، ليبقى الضجيج الكروي والسبات في النتائج سيدي الموقف.

لقد أكلت كرة القدم جزءاً كبيراً من عقول متابعي الرياضة في العالم، وباتت تبحث عن الجزء الباقي بشكل ربما يكون مدروساً في بعض الأحيان، فيغدو الدرس عنواناً للحضارة حيناً، وللتخلف حيناً آخر، ويغدو التعلق بها نوعاً من الحاجة حيناً والترف حيناً آخر، وإلا كيف نسمي هذا الانصياع شبه المطلق لكل أحداثها حتى غدت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية مع أنها مجرد ضجيج لا أكثر؟!.

أصبحت الهم والاهتمام، ولا ندري إلى أين سيقودنا ذلك... إلى الرقي أم إلى مزيد من التخلف؟!... إلى الترف أم إلى مزيد من الحاجة؟!.

وقبل أن نجد إجابة على كل تلك الأسئلة التي تراودنا في زمن الاحتراف والاستثمار الرياضي يخرج إلينا فارس مثل عبدالله الشربتلي تطوّق عنقه فضية العالم بالقفز على الحواجز قبل أن تأكل كرة القدم ما تبقى من اهتمامنا ليعيدنا إلى معنى الرياضة الحقيقي، وليذكّرنا بالقيمة الحقيقية لمعنى المنافسة عندما تغدو هدفاً بحد ذاتها لترفع اسم الوطن عالياً ويرفرف علمه في أهم بطولة عالمية.

عبدالله الشربتلي الفارس الشاب تعب واجتهد مع رفاقه وشارك في أكثر من محفل واستطاع أن يبصم فيها جميعاً... شاب واحد فعل ما عجزت عنه فرق بأكملها، ومع ذلك تراهم يأخذون من اهتمام الغالبية وحتى الإعلام أكثر مما يناله مثل هذا الشاب، وفوز فريق ما بكرة القدم تسلّط عليه الأضواء أكثر من فوز ببطولة أو ميدالية ذهبية في إحدى الألعاب الفردية.

وللأسف أيضاً فإن الاهتمام الجماهيري لواحد منهم يكاد لا يذكر لأن ثقافة الاهتمام بكرة القدم طغت على كل شيء ويتحمل الإعلام طبعاً جزءاً كبيراً من هذا التقصير لأنه بات هو الآخر ببعض مفاصله يلهث وراء الصفقات المادية الرابحة.. لذا دعونا نتابع هذه الفترة كيفية التعامل مع الحدث الهام الذي صنعه عبدالله الشربتلي لنرى إن كان مثل هذا الشاب سينال حقه بقدر ما قدّم لهذا الوطن.

نأمل أن نكون مخطئين فيما رمينا إليه ونرى الاهتمام بنتائج الألعاب الأخرى وخاصة الفردية منها، لأنها الأكثر قدرة على تسجيل الانتصارات بعد تجربة مريرة مع كرة القدم التي خذلتنا مرات عدة ومازالت تأكل حيزاً كبيراً من تفكيرنا على حساب غيرها من الألعاب.

شكراً عبدالله الشربتلي فأنت لم ترفع اسم بلدك فقط على المستوى العالمي في رياضة هي رياضة أجدادك، بل فعلت ذلك لكل البلاد العربية والإسلامية.