"محمد: أرجوك لاتزعل".. هكذا استهل صديق الزاوية الحميم/ "حسن الغامدي" تعليقه على "المصارعة التاريخية الحرة" أمس! ولم أشعر بأصدق من هذه العبارة شفقة عليَّ، ومسحاً على "صلعة" يتيم مزمن! ولكنها ليست إلا صياغةً أخرى للشخصنة..كيف؟ لماذا أراعي مشاعر "الكاتب" الشخصية حين أبدي رأيي حول "فكرةٍ" طرحها؟ ما وجاهة الزعل هنا؟ وهل أعرفه "شخصياً" أصلاً؟ آه ياحسن.. ذكرتني بالزميل/ "غازي القصيبي"؛ فرغم مشاغل ذلك الضخم الضخمة، إلا أنه لا يفوِّت قراءة الصحف والدوريات يومياً، ثم لا يستنكف أن يرسل إعجابه بمن يجد فيه تميزاً، وقد ظل يفعل ذلك مع "الأخ/ أنا" ثلاثة أعوام، توَّجها بكتابة رسالة بخط يده ،ضمَّنها هدايا هي من أعز ما تلقيت، وأثمن ما أملك: لقد كتب لي بمجموعة من عيوبي الأسلوبية! وبأسلوبه التهكمي اللاذع، الذي ورثه عن أخواله/ "صناديد مكة"، وهو يعلم أنني من "غلابا المدينة" يابا! وختمها برجائه "أن لا أغضب"! وحرَّضني على ممارسة حقي في "الانتقام" منه متى وكيف شئت! وظل يترقب نحو العام، وهو لايدري إن كنتُ قد غضبتُ أم لا؟ إذ لم يصدر مني أي انتقام سوى أنني وصفته بـ"الزميل"، في النشرة النقدية التالية ليوم استلام رسالته، وهو يراها من "عيوبي"! فلما التقينا لأول وآخر مرة، في المعرض الذي رعاه في "وزارة العمل" بعنوان: "كركتر في أرض السعودة"، وما إن عرَّفتُه بشخصي حتى نسي "بروتوكولات" المناسبة الرسمية، وانصرف عن الجميع، واتجه إلي يسأل سؤال المحب الصادق: "وينك يارجل"؟ وأخذني بالحضن قائلاً: عسى مازعلت من رسالتي؟ فقلت: لستُ تلميذك إذن يا "أبا يارا"! ألستَ القائل: "من يضق صدره بالنقد مسؤولاً كان أم مبدعاً، فليقعد في بيته يقلب مالذَّ وطاب من القنوات الفضائية، ليستريح ويريح خلق الله"!

إذن: فليس "حسن" وحده من يتوقع زعل المنقود المقرود؛ فإن من أهم ركائز ثقافتنا: أن "النقد" مأخوذٌ من "نقدتك العقرب"، لا من تثمين "صيارفة مؤسسة النقد الدولي" لأفكارك! وقد قلنا "مرارير" كثيرة: إن الكتاب هم الذين كرسوها في القراء أولاً، وهاهي بضاعتهم ترد إليهم، فلا يفتأ القارئ يطالبهم بمراعاة حال "الجمهور"، فيقول "حسن" نفسه في تعليق آخر: "اكتب يامحمد ما يفهمه القراء في مستواي الفكري والتعليمي ..."! هنا يمكن أن أزعل ياحسن! أنا الرافض للوصاية على القارئ، والداعي إلى احترامه، واستنزاف "تلافيف مخه" حتى آخر "تلفوفاية" يقال لي هذا؟ بعد أكثر من "ألف" مقالة، أحصاها الصديق الحساوي الجميل/ "محمد العباد"، وسينتخب منها كتاباً أقرؤه كغيري قريباً! وكان الزميل اليمامي/ "عبدالعزيز النصافي" قد سألني في (50×50): من هو القارئ الذي تبحث عنه؟ فقلت: هو القارئ الذي يبحث عني! وكان ذلك في بدايتي، وسأظل علي هذا المبدأ إلى عصر يوم القيامة... بعد المغرب أنتمتن أحرار!