سأكتب اليوم للأميرين الغاليين (المحمدين) رسالة مواطن بسيط، ينقل إليهما خواطر وآراء وهواجس القاع المجتمعي بما تمليه عليه أمانة المواطنة ومسؤولية الكلمة. أولاً، أنتما تمثلان بكل جلاء روح التجديد وفكرة (تشبيب) مفاصل إدارة الدولة في مجتمع شاب ولاد، تقول أرقام الإحصاء إن ثلثيه أقل من سن الخامسة والعشرين، وهذان الثلثان يعيشان إرهاصات عصرهما المتسارعة، وهذا يكفي للدلالة والرمزية.
ثانياً، سأقول "للمحمدين" الشابين إن العقدين الأخيرين قد شهدا ولادة طبقة واسعة وعريضة من (الأنتلجنسيا) السعودية التي تؤمن وتعتقد تماماً تماماً أن آراءها وأصواتها لا تصل إلى أصحاب القرار العالي، وخذوا للمثال: كان حامل درجة الدكتوراه قبل أربعين عاماً يصل مباشرة إلى دهاليز الإرادة والقرار العالي، ولكننا اليوم أمام الآلاف من حاملي هذه الدرجة، (وأنا هنا) أنقل هواجس القاع المجتمعي الذين بلغ بهم حد اليأس أن أفكارهم البناءة في بناء هذه الدولة المباركة لا تتجاوز حناجر ألسنتهم.
ثالثاً، تتحدث أرقام الإحصاء العامة أن 78% من الشباب يحملون الثانوية العامة، وأن أكثر من 68% من بينهم يحصدون شهادة الجامعة، ومن الجنسين، وهذه الأرقام التي تحمل اليوم اسم وطننا في المرتبة الثالثة عشرة في أرقام (اليونسكو) تحتاج إلى استماع ذهني ذكي، وسأكتفي هنا بذكر الأرقام ونسبة الإحصاء، وهذا يكفي.
رابعاً، لا ينكر إلا جاحد حاقد أن توزيع التنمية بين المناطق السعودية قد بلغ في السنوات الأخيرة نسبة مقبولة تساوت فيها، وبالمثال، بيش الساحلية مع حائل العزيزة. لكنني وبكل أمانة وشفافية سأعيد إلى عيون وآذان المحمدين الشابين ما كتبته من قبل في مرات عديدة من أن هذا المد التنموي الوطني الهائل كان قاصراً عن أن يخلق خريطة وطن مكتملة يكون فيها الإنسان شريكاً في صنع القرار ومتحملاً لمسؤولياته بغض النظر عن منطقته أو نشأته ومكان ولادته وموته. سأقول للمحمدين الشابين إن هذا الوطن العزيز الغالي، ومع كل رسائلي الخمس السابقة لم يعد يحتمل مصطلحات (الهامش والمركز) في الفرق بين تنمية المكان وبين شراكة الإنسان. سأقول أخيراً للأميرين الشابين (المحمدين) إن لدى القاع المجتمعي برمته اقتراحاً وحيداً يستطيع وحده أن يختزل كل تلك النقاط الخمس التي وردت في ثنايا هذا المقال، وآخرها هنا الخامسة: ليس كل ما يقال يمكنه أن يكتب، لكن كل ما لا يمكن كتابته بالإمكان أن يقال، وأنا اليوم لم أكتب سوى ما يقوله القاع المجتمعي.