وصلت إلى قناعة تامة أن موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أصبح اليوم وسيلة يمكن التحكم بها والسيطرة على نوعية وحجم تدفق النقاشات والأخبار والآراء فيها، بعد أن تبين للجميع أنها وسيلة خطرة، خصوصا في المجتمعات التي لا تتمتع بقدر كاف من الشفافية، بحيث أصبحت التغريدات التي يطلقها كل متعلم وجاهل كالقنابل الموقوتة التي يمكن لها أن تنفجر في أي لحظة، مخلفة وراءها أكواما من المشاكل التي ربما لا وجود لها إلا في مخيلة مطلقها.

خلال الأشهر القليلة الماضية فضلت أن أتبع سياسة المتابع الذي يتحدث قليلا، بدلا مما كنت عليه في الماضي ذلك المشارك المعلق كثيرا، وكما يقال وأقول "إن كان الكلام من فضة ففي "تويتر" اليوم أصبح السكوت من ذهب"، والسبب في ذلك أن التطرف في اتخاذ المواقف أصبح السمة الغالبة، والاتهام بالتخوين والعمالة واللاموالاة من أسهل التهم التي يمكن لمراهق يقطن قرية في اللامكان أن يقذف بها كل من خالفه أو تجاهله أو غرد بما لم يعتد عليه.

الملاحظ أن هناك طغيانا لا تخطئه العين لتبدل قناعات البعض حتى انقلبت المواقف رأسا على عقب، وتطرف التغريد والتبرير عبر مزايدات مكشوفة من أجل أن ينسى الناس والمعنيون بالأمر مواقف هؤلاء في الماضي، والذين اكتشفوا أنها لم تعد توفر لهم الأرضية المناسبة لتحقيق طموحاتهم الوصولية.

هناك من يغرد ليلفت النظر، عل في ذلك تقديرا جماهيريا يلحقه، اعتراف اجتماعي تليه تهنئة محيطية للحكم التي أصبح يطلقها ولم يفكر بها لا أرسطو ولا ابن خلدون ولا ستيفن هوكنغ، وهناك من عود نفسه على برمجة الأدعية والحكم ومقتطفات المواقع والصحف لعل في ذلك زيادة في المتابعين فيشتهر "افاتاره" ويصبح له مريدون في كل وزارة أو إدارة أو مركز.

في مجتمع افتراضي كـ"تويتر"، وأكرر كلمة "مجتمع" هل يمكن تخيل أن يكون دون محرك أو موجه من خلف الكواليس؟!

تذكر فقط أن "الناس تطير بالعجة" مع كل تغريدة يروج لها هؤلاء المتمصلحون، فهل بعد ذلك يمكن لنا أن نقتنع أن "تويتر" مساحة حرة بالشكل الذي يروج له؟