اليمن ليس حديقة خلفية للسعودية ولا السعودية حديقة أمامية لليمن. اليمن والسعودية بناء جغرافي واحد في طريق تاريخي واحد.

لا أحد غير السعوديين واليمنيين يعرف أسرار الوحدة الروحية بينهم، ولا أحد سواهم يدرك عمق الوشائج التي تسري في دمائهم وعقولهم وماضيهم ومصيرهم. ذلك ليس إرادتهم المقدسة هم فحسب، بل هو حتميات التاريخ والجغرافيا ولا فكاك لها أبدا أبدا.

أولئك الذين تذكروا الآن أن في جنوب الجزيرة بلد اسمه اليمن ليس لهم حق الحديث عنه، هم أفاعٍ أطلت برؤوسها من جحورها البعيدة يجب قطعها بأي ثمن، بأي ثمن.

يقول الفارسي إن أمن اليمن من أمننا، منذ متى كان الفارسي يفهم "خطر غصن القنا، نزل وادي "بنا" ومرّ جنبي، وباجفانه رنا، صوّب سهامه واعتنى وصاب قلبي" ومنذ متى كان حسن نصرالله يفهم "قال بوزيد جاني علم ما هو سوا= نكّد علي هيج اشجاني وعطّل مزاجي= كيف نسمح لمن جانا بحيله جديد= يريد يعلق سراجه لاجل يطفي سراجي". ذات ليل قطع سيل ضخم طريق أبوعريش/الأحد وألجأنا الخطر إلى جانب الطريق وكان بيننا بالصدفة فتيان يمنيون جلسوا على صخرة هناك واندفعوا في الغناء مطمئنين أكثر منا "باشل حبك معي بالقيه زادي، ومرافقي في السفر، وانت عسى عاد بتذكر ودادي، وان قد تناسيت يا ما ناس جمّ مثلك تناسوا الوداد، في خير انت وأنا بنلتقي في سعاد".

لا إبراهيم عيسى ولا حسنين هيكل حضروا معنا ذاك الليل، ولا عبداللهيان ومرضية أفخم كانا معنا على السيل، ولا عبدالباري عطوان والقرموطي يعرفون أين هي "سعاد".

بيننا وبين اليمن ما لا يدرك سرّه أحد، من رحم ودم وأزل، قسم من عائلتي في اليمن، وفي الأسبوع الماضي كان "صوت الجزيرة" محمد عبده في منفذ الطوال يستقبل شقيقته المقيمة في اليمن.

بيننا وبين اليمن سر يشبه أن يغني محمد عبده "صنعاء بلادي مناهل للظبا تكرم" ويغني أبو بكر بلفقيه "يا بلادي واصلي واحنا معاك".

قولوا لمن لا يعرفون سرّنا واليمن: لا مكان لكم.