يلفت نظرك في الدعوة إلى إقامة اتحاد خليجي أن أشد المعارضين لهذا الاتحاد هم من المنتمين لإيران فكرا وعقيدة، ولن نخجل من القول إن أكثرهم ممن ينتمون إلى الكويت جنسية، وكنّا نحسب أن ما مرت به الكويت من ظروف قاسية حد العدوان عليها في 1990 سيجعلها أكثر المندفعين لتفعيل مثل هذا الاتحاد.
لسنا في موقع الدعوة إلى فرض الأمر الواقع، فلكل قراءته ومصالحه التي يراها من الاتحاد، ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى أن المنظومة الأقرب مثالية في العالم كما هو الاتحاد الأوروبي، عرف حين ترتيبه لإطلاقه معارضون ومترددون وممتنعون، ولن نصفه بالكامل لأنه ما زال هناك تذمر ونقد بين الشعوب والدول المنضوية تحت لوائه، ولذا لم ننتقد عُمان تجاه التردد في الانضمام، لأنه قرار بلد ينطلق من داخلها، ويحتاج إلى كثير من الدراسة والتشاور حسب مصالحها وتوجهاتها، وليس حسب أيديولوجيات وانتماءات كما لدى البعض في الكويت الشقيقة.
كخليجيين؛ الأمر ليس مجرد اتحاد شكلي لأجل تسهيل مرور السلع، وتنقل المواطنين فيما بيننا، بل إن الأمر أكبر من ذلك، هناك أخطار تحيط بالمنطقة، وتهديدات ما برحت تعصف بها، حتى إن جيران الخليج في العراق واليمن وإيران باتوا أكثر تأثيرا بمشاكلهم وطائفيتهم على الأسرة الخليجية، لذا فالاتحاد مسألة حتمية لتوحيد الصفوف والوقوف أمام الأخطار.
والواقعية السياسية التي انطلق منها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، في دعوته إلى قيام اتحاد خليجي في ديسمبر 2011، تشير إلى أن التكتلات هي التي باتت تقود العملين السياسي والاقتصادي، والأمر خليجيا أشد حاجة إلى مثل ذلك. ولن نكرر القول إن من أهم مقومات الاتحاد الجوار واللغة والدين والعادات الواحدة، لأن المرحلة الحالية تذهب أيضا إلى أبعد من ذلك، وهو ما يخص المصلحتين الخاصة والعامة، فمصلحة دول الخليج باتحادها وتكاتفها ووقوفها صفا واحدا ستزداد قوة واطمئنانا.
نعود إلى ما بدأنا به حول من يعارضون قيام الاتحاد لنقول إنه من المنطق أن يُستمع إليهم، وتدرس آراؤهم، والعمل على التقريب بين وجهات النظر، حتى الوصول إلى نقطة تلاقٍ، لكن ليس هناك أي تلاق حينما يكون السبب أيديولوجيا وتحزبيا مع بلد خارج منظومة دول الخليج العربي، كما يفعل بعض النواب في مجلس الأمة الكويتي.
في القمة التشاورية التي شهدتها الرياض أمس، وبين اللقاء المقبل لقادة دول المجلس مع الرئيس الأميركي، تتراءى قيمة الاتحاد والعمل على إطلاقه، من جراء أن العدو واحد والأخطار تجاه المنطقة واحدة، حتى المصالح الاقتصادية واحدة، فمن هي الدولة الخليجية التي ترى في المفاعل النووي الإيراني خيرا على المنطقة؟ الأكيد: لا أحد.. ومن الدولة الخليجية التي لم تتضرر من عدم استقرار اليمن والعراق؟ الأكيد أن الكل يهمهم استقرار هذين الجارين.
الأهم في القول، إن قوة أهل الخليج في توحدهم، وبلوغهم اتحادا كاملا، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ونذكّر أن هذا الزمن؛ زمن التكتلات، مع إدراك أن دور مجلس التعاون الخليجي بات محوريا في قضايا المنطقة والعالم، فحينما اتفق الخليجيون على إنقاذ اليمن، انصاع العالم للأمر!