يسألني صديقي الخليجي عن هدوء الخطاب الرسمي السعودي تجاه "التصريحات الإيرانية المسيئة" التي تصدر عن مسؤولين إيرانيين كبار؟ لم تكن الإجابة عصية على من يعرف الواقع السعودي والكيفية التي تتعامل بها حكومتها منذ تأسيسها وحتى الآن مع ناقصي العقل والقول. والأكيد أن مبدأ "الترفع عن السفهاء"، هو أحد مقومات ذلك الخطاب.

لن نهتم بالإسقاطات الإيرانية التي ملأت القنوات والصحف التابعة لهم، ولا تلك البكائيات التي جعلت من الحوثي ضحية رغم أنها من يوجه يده التي تحمل البندقية لقتل اليمني الآخر.. هم ينوحون ونحن مطمئنون، لأن الحق لا يحتاج إلى البكائيات كي يظهر، بل بالعمل السعودي والتقدم للأمام لنصرة الشقيق العربي، أما دموع التماسيح والاستنجاد بالآخرين لإنقاذ اليمن فتلك إشكالية إيرانية لم تنجح في تفعيلها، بل إنها كشفتها أكثر وأكثر.

لن نلوي على استشهادات، لكن كم صدر من خطاب أو تصريح إيراني يهاجم السعودية، وكم كلمة قبيحة تشبههم قالتها ألسنتهم ومن يتبعهم، وهل قابلها ما يشبهها أو أقل منها مما يحمله الخطاب السعودي الموجه لإيران أو حتى عبر تصاريح المسؤولين السعوديين؟ لم يخرج من يقول المجوس، وهم فتلوا الطائفية حتى جعلوا منها غطاء لكل نقد يريدونه.. وهل ظهر مسؤول سعودي ليهدد إيران؟ الأكيد أن ليس هناك من فعل ذلك، يقابله صراخ إيراني بلغ حد التهديد بحرق إسرائيل وتفتيت أميركا ودول الخليج معها، ونسأل: ما دخل الأولين في الموضوع، أم إنه استعراض إيراني مجاني؟!

بعد حصيلة نحو الشهر من بدء عاصفة الحزم، جدير أن نؤكد أن إيران وأذنابها في لبنان واليمن قد أثبتوا أنهم ظاهرة صوتية، حتى لا صدى يواكبها، فقط جعجعة، أما الفعل فهو للسعودية التي ما برحتم تهددونها، لكن اتضح الأمر وبان أن لا سبيل إلى ذلك بعد أن علمتم أن الأمر هو ما ترونه لا ما تسمعونه، وأن الصراخ والعويل هما فعل الجبان الذي يستتر خلف غيره، كما هي إيران التي صنعت الدمى، وحينما تبدأ بالاحتراق أو التمزق تهرب بعيدا عنها.

لن أطيل في قراءة ما يحتاج إلى مقارنة بين الخطابين السعودي والإيراني، لكن يبدو أن خطاب قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري، قد أضحك المطلعين بعد أن نحى إلى شأن بليد جديد في تفسير الأمور في المنطقة، حينما رأى أن ما تقوم به السعودية؛ خيانة لليمن، والمضحك أكثر في خطابه حينما اكتشف أن أعداء الثورة الإسلامية قد بدأت تتضح ملامحهم!

ونقول للجعفري إنه ليس غريبا أن ينحى الخطاب الإيراني إلى هذا الانحدار الفكري، فبعد الاستجداء والتباكي الوصم بالخيانة، ونحن نفتخر إذا ما قيل عنّا إننا ضد مخططات إيران وأفعالها في العالم العربي، أما وصفك لنا بأننا أعداء للثورة الإسلامية، فأستميحك العذر فنحن قد تجاوزنا مبدأ العدائية لها، بل نعمل على دحر ودحض هذه الثورة التي لم تترك بلدا عربيا في حاله، أفسدت لبنان ودمرت اليمن وفتكت بالعراق، وها هي تقتل أهل سورية وتثير الفتن في البحرين. نعم نحن ضد ثورتك، لكن دون تباك وشتائم كما تفعل أنت ورؤساؤك، لأن النهج السعودي اليوم يحمل الفعل لا القول.