غادر الدكتور أحمد قران الزهراني وقبله حسين بافقيه موقعيهما الوظيفيين من إدارة الأندية الأدبية معترفين بشجاعة أنهما لم يستطيعا تحقيق ما كانا يطمحان لتحقيقه، في بادرة قد تكون نادرة الحدوث في القطاع الحكومي.
الزهراني الذي ترجل من إدارة الأندية الأدبية منتصف الأسبوع الماضي، قال بكل شفافية إن المناخ العملي لم يتح له تقديم ما كان يسعى إلى تحقيقه، وبافقيه عندما ترجل عن المنصب نفسه بعد ثلاثة أشهر من تعينيه، قال أيضا إن أجواء العمل ليست ملائمة.
بعيدا عن سخونة كرسي إدارة الأندية الأدبية وظروف الاستقالات المتكررة لمسؤوليها وجدلية لائحة الأندية الأدبية وصراعات المثقفين وما إلى ذلك من العوامل المتشابكة التي ألقت بظلالها على إدارة الأندية الأدبية، سأتحدث هنا عن الجانب المضيء في الموضوع وهو شجاعة الاستقالة التي لا يتمتع بها سوى القلة من بني قومي. هناك الكثير من المسؤولين الذين هرموا على مقاعدهم ولم يقدموا شيئا، والمصيبة علمهم بأنهم لا يستطيعون أن يقدموا شيئا، إما لأنهم غير مؤهلين لهذه المواقع أو لأنهم اصطدموا بالواقع والبيئة العملية المحبطة كما اصطدم بها مديرا إدارة الأندية الأدبية، لكنهم مع ذلك لا يملكون الشجاعة لتقديم الاستقالة وترك المواقع لمن يستطيع أن يخدم المجتمع من خلالها.
كيف يمكن أن ننشر ثقافة الاستقالة في المجتمع لكي يسعى إليها المسؤول متى ما وجد أن بيئة العمل غير مناسبة؟ بدلا من المكابرة التي تجعله يعيش في صراع نفسي كبير نتيجة عدم قدرته على تحمل بيئة العمل المحبطة، وحرصه الشديد على البقاء في المنصب أطول وقت ممكن؛ حتى إن بعضهم من تشبثه بالكرسي لا يتقبل الإقالة الجبرية مع أنها ظاهرة طبيعية صحية تنطلق من مبدأ "لو دامت لغيرك ما وصلت إليك".
من عهدة الراوي:
تحية إجلال لكل مسؤول سنّ سنة حسنة في المجتمع، وغادر منصبه الوظيفي برغبته بمجرد إدراكه أنه لن يحقق الأهداف التي كان المجتمع ينتظر منه تحقيقها، فالمغادرة أولى من البقاء إذا كان البقاء لا يضيف شيئا.