بعض (الأتوبيسات) تنطلق بقراء معدودين، وتقف طويلاً في كل محطة ثم تسير الهوينى تبحث عن القراء، فيكون الزمن أسرع منها.. وبعض الأتوبيسات يزداد قراؤها وتزداد في سرعتها ولكن على الأرض فتظل تتعارك مع الزمن تسبقه حيناً وحيناً يسبقها... وبعض الأتوبيسات مثل "الوطن" تكون هي (الأتوبيس الطائر) تنطلق بعدد كبير من القراء وتطير بهم فوق السحاب فتكون أسرع من الزمن.. فتحقق في عام ما يتحقق عادة في خمسة أعوام.

قبل عشر سنوات... بالضبط في يوم 30/9/2000 انطلق أتوبيس "الوطن" الطائر من المحطة (على الزيرو)، وكنت من كتّابه الذين تشرفوا بالوقوف على باب هذا الأتوبيس (السوبر) يستقبلون القراء الكرام ويحثونهم على الدخول، وقد شاركت في فتح الأبواب والترحيب، وكنت أقول لكل راكب أصافحه ادخل برجلك اليمنى لو سمحت... آسف.. اقرأ بعينك اليمنى لو سمحت.. حيث كان هذا هو عنوان مقالي الأول في العدد الأول في "الوطن" قبل عقد كامل بالتمام والكمال.

نعم.. الصحف في مسيرتها مثل الأتوبيسات في مشاويرها... لكن هناك فرق هو أن الأتوبيس هو الذي ينقل الراكب وسائق الأتوبيس هو الذي يحدد المسار والسرعة والهدف.. أما في الصحف فإن القارئ هو الذي يفعل كل ذلك.. إن احترمت عقله، وشعر بأن الصحيفة (وطنه) تحنو عليه وتحاول خدمته وتحقيق أهدافه رفعها فوق رأسه وحولها إلى (أتوبيس طائر) وطار بها فوق السحاب، وإن حصل العكس وضعها تحت قدميه ورمى بأوراقها في سلة المهملات.

لقد كان صاحب الفخامة القارئ الكريم كريماً مع "وطنه" فلم يكتف بتحويلها إلى (أتوبيس طائر) عادي بل إلى أكثر من ذلك لا تسبق الزمن بسرعة صوت واحدة بل بأكثر من ذلك وكان كريماً في استجابته لدعوتي فلم يكتف بقراءة "الوطن" بـ(عينه اليمنى) بل ساهم وآزر وقام بدور (المارد) فحملنا فوق جناحيه وحلَّق بنا فوق السحاب.

الآن.. وقد أكملنا عقداً بالتمام والكمال.. وبدأنا عقداً جديداً مباركاً إن شاء الله.. هاأنذا أفعل ما فعلته في اليوم الأول لانطلاق "الوطن" فأقف على الباب لأرحب بكل قارئ وأشكره من أعماقي على ما قدمه لي ولـ "الوطن"، وأرحب وأشكر بشكل خاص كل من اختلفوا معي ومع "الوطن"، وعبروا عن هذا الاختلاف في تعليقاتهم بمصداقية ووضوح، راجياً منهم المزيد من النقد والتفاعل، بل وحتى الانتقاد، فأنت أخي القارئ أيا كنت ومهما قلت على حق لأنك مثل كتاب "الوطن" تعبر عما ترى أنه الصواب، فالمهم المصداقية والإخلاص وأدب الحوار، وباب "الوطن" مفتوح للجميع على مصراعيه.

كما أشكر كل الذين شاركوني في الوقوف على باب الأتوبيس من إخوتي الكتاب سواء الذين أدوا دورهم المشكور ثم انصرفوا لأتوبيس آخر أو لمجالات أخرى، أو الذين مازالوا مثلي يلوحون بأيديهم للقراء ويستقبلونهم ويجلسونهم على الكراسي ويخدمونهم.. وأشكر كذلك كل الإخوة الذين عملوا ومازالوا يعملون في المقصورة الرئيسية ومقصورات التشغيل والصيانة من الإداريين والفنيين الذين كان لهم دور كبير مشكور، وأخص بالشكر أكثر أولئك الفرسان الذين كانوا في مقدمة الجميع يحملون الراية ثم يترجلون ليعطوا الراية لزميلهم المتسابق الآخر على طريقة سباق التتابع الذي يبدو أنه ضروري لمسيرة "الوطن" للمطبات الهوائية الكثيرة التي تتعرض لها، وهم الدكتور فهد العرابي الحارثي، والأساتذة قينان الغامدي، وطارق إبراهيم، وعثمان الصيني، وجمال خاشقجي، وأخيراً ابن الوطن سليمان العقيلي الذي أعطى الراية لزميله وزميلنا جاسر الجاسر.

شكراً للجميع.. وأهلاً وسهلاً بك معنا يا صاحب الفخامة قارئنا الكريم في مشوار ممتد لعقد آخر حافل بالنجاحات والإنجازات، وعقود أخرى عديدة إن شاء الله... تعال أخي.. وادخل برجلك اليمنى... آسف.. اقرأ بعينك اليمنى لو سمحت.