خلال فترة قصيرة فقط من حكم الحوثيين واستيلائهم على السلطة في اليمن، بدأت ملامح فسادهم ونهبهم للمال العام تتكشف للجميع، على عكس ما كانوا يدّعون بأنهم سيكونون نموذجاً للنزاهة في الحكم، وأنهم استخدموا القوة وسيطروا على المدن من أجل محاربة الفساد بكل أشكاله، وكانت أيام قليلة كفيلة بكشف نماذج مخيفة من فسادهم المالي والإداري، واستغلالهم السيئ للمناصب التي يتولونها، كما يقول أغلبية اليمنيين.

وعقب سيطرة جماعة الحوثيين المتمردة على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر من العام الماضي، بادرت قيادتها بتشكيل ما أسمتها بـ"اللجنة الثورية العليا"، لتتولى الأمور فعلياً بدلاً من الحكومة التي جعلوا مهماتها شكلية، وتفرعت من هذه اللجان مئات اللجان المشابهة على مستوى كل مؤسسات الدولة ومحافظات الجمهورية اليمنية.

وعلاوة على أن أعضاء تلك اللجان، الذين وضعوا أنفسهم بدلاً عن الهيكل الرسمي للدولة، غير مؤهلين علمياً لهذه المهمات ويفتقدون أي مؤهل أو خبرة، كونهم انتقلوا من قيادة الميليشيات إلى قيادة البلد، فإن عشرات الحوادث من الفساد المالي والإداري قد سجلت ضد هؤلاء خلال فترة وجيزة، لم يكن آخر تلك الحوادث فضائح بيعهم للمشتقات النفطية ونهبهم المال العام لمصلحة قيادة جماعتهم المتمردة.

وقالت مصادر خاصة لـ"الوطن" إن رئيس ما سمي بـ"اللجنة الثورية" الحوثية في محافظة إب وسط اليمن خالد أحمد السياغي، قدم استقالته من رئاسة اللجنة بعد اتهامات متبادلة بين أعضاء اللجنة بالفساد المالي واستغلال المناصب التي تبوأوها.

وأكدت المصادر أن خلافات شديدة عصفت باللجنة التي كانت تقوم بمهمات مكتب المحافظة، وبدأت تطفو على السطح خلال الأسبوعين الماضيين، عندما نشبت خلافات في صفوف الحوثيين بمحافظة إب، على إثر اتهامات بين أعضائها باستغلال أزمة المشتقات النفطية، والمواد الغذائية، واحتكارها وبيعها في السوق السوداء، وفرض مبالغ مالية على تجار الجملة والتجزئة تحت مسمى "دعم المجهود الحربي".

وأفادت المصادر بأن هذا الأسلوب الابتزازي، جعل من القيادات الحوثية تجمع مبالغ مالية كبيرة من المواطنين، ونشبت بسببها خلافات بين أعضاء اللجنة، بالإضافة إلى اتهامات لعدد من أعضاء اللجنة بتسخير عضويته لتحقيق مكاسب شخصية، وغياب النزاهة، وانعدام المحاسبة، في ممارساتهم للأعمال التي يكلفون بها، الأمر الذي أوجد نوعاً من الخلاف الحاد والعميق بين عدد من الأعضاء من جهة، وبينهم وبين رئيس اللجنة من جهة أخرى.

وبسبب هذه الخلافات، وفقاً لمصادر "الوطن"، أقدم رئيس اللجنة الثورية الحوثية خالد السياغي الأسبوع الماضي على فصل خمسة من أعضاء اللجنة، هم يحيى زيد المتوكل، وقاسم المساوى، وحسين شريف، وأبو الطيب المتوكل، وحسين باعلوي. كما سبق أن أودت تلك الخلافات أيضاً بنائب رئيس اللجنة التنظيمية، صادق حمزة، وأقر السياغي فصله منها، متهماً إياه بالفشل.

وكان النائب المفصول صادق حمزة قد اتهم اللجنة بالوقوف وراء المتاجرة بالمشتقات النفطية، وبيعها في السوق السوداء، إضافة إلى اتهامه للجنة بأخذ مبالغ مالية من تجار الجملة. وفي نهاية المطاف تقدم السياغي باستقالته من رئاسة اللجنة، وفقاً لبيان نشره على صفحته على موقع فيسبوك، مبرراً استقالته تلك بأنه غير قادر على الاستمرار بالعمل في هذه الظروف.

وتؤكد هذه الخلافات، ما نشرته "الوطن"، الأسبوع الماضي، عن وقوف قيادات حوثية وراء أزمة المشتقات النفطية، وإجبارهم مالكي محطات البيع بمنحهم نصف الكمية التي في مخزون محطاتهم، تحت مبرر "المجهود الحربي"، ليقوموا هم ببيعها في السوق السوداء بأثمان باهظة وخيالية.