تعودنا قبل سنوات خلت أن الرجل هو من يقوم بكل شيء خارج جدران المنزل، من ترتيب وإعداد وتقديم وقيادة وحضور للفعاليات الخاصة والعامة، يفكر هو والمرأة الأنثى نصف المجتمع تنفذ وتتبعه بروح رياضية متسامحة، يعني "مع الخيل يا شقراء". اليوم اختلف الوضع تماما، رأيت وسمعت نساء ماجدات يقمن بأدوار رائعة خارج أسوار المنزل. ويفكرن أيضا، وعصبة الرجال النشاما ينفذون. وأيضا بروح رياضية وتصالح شريف. وهي إضاءات جادة لمستقبل الأنوثة القادم. في ملتقى الهوية والأدب الذي نظمهُ - باقتدار - نادي أبها الأدبي قبل أسبوعين في فندق قصر أبها.

تجسدت روح الفريق الأنثوي الواحد، وببراعة متناهية، من عضوات النادي، لا أبالغ إن قلت إن من حضر ذلك الملتقى عقلا وأفكارا وعملا وتنظيما وتجويدا وإبداعا هي المرأة العسيرية، أبدعن في روعة التنظيم وحسن العمل. وهنا لا أملك إلا أن أحييهن بتحية ملؤها الفخر والامتنان. نظير ما قمن به من لسمات جاذبة من الشعبية إلى العصرية والمزج بينهما، وقوة حضور أفكارهن النسائية في الملتقى أسهمت في الخروج بتلك اللوحة الفاخرة، ساعتان حضرتهما في الملتقى رأيتهن منهمكات كالنحل في عمل دؤوب. حتى خرجن على مدى يومين بتحفة ماسية رائعة من النجاح والثناء العطر، من أجل الخروج بملتقى يشرف أبها وناديها الأدبي. وقد حصل لهن ذلك.

وهنا لا بد أن أقول بأعلى صوتي: فارساتنا قادمات في كل جزء من وطننا الأبي، فما الفرق بين نسائنا "ومدام كوري" مكتشفة عنصري البولونيوم والراديوم التي نالت على إثرها جائزة نوبل مرتين في الفيزياء، لا فرق إلا في المكان فقط وبعض العقليات المشاغبة وقليل من "بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"، ولعل أمر المكان والعقليات في تطور وتصور لدور المرأة الإيجابي في الحياة، في محافظتي على مستوى التعليم - مثلا - مسؤولات تربويات جعلن لهن بصمات وآثارا جذابة في مدارسهن التي أضحت في حكم النموذجية، مشرفات ومديرات وإداريات لهن إنجازات مشرقة كالشمس لا تخفى على ذي بصر وبصيرة إلا جاحد "والذي لا يشوف من الغربال أعمى".

وفي مجالات كثيرة أثبتت المرأة أنها قادرة على صنع المستحيل بجودة عالية وفي وقت وجيز، وهو ما أسهمت فيه المرأة من جهد في تطوير الحراك التعليمي النسوي على مستوى البلد في السنوات الأخيرة، ولا يمكن هضم دور الأنثى في عملية التطوير والتحديث لكل شأن ومجال في هذا الوطن، حتى ولو وجدت المنغصات الذكورية لكنها تسير في الطريق الصحيح، وعليها ألا تلتفت إذا أرادت الوصول إلى كامل حقوقها المشروعة، "فالملتفت لا يصل" كما يقول المثل، فالنظرة القاتمة للمرأة يجب أن تزول بحكم أنه لا فرق بين الرجل والمرأة في العطاء وحسن العمل والإنتاج وجودة الأفكار.. إذا فلماذا هذه النظرة.

ملتقى الهوية والأدب في أبها نجح بامتياز، والنادي نال وسام الفخر بتنظيم مبهر وخرجنا بسيدات مدهشات كن خلف النجاح للملتقى، فشكرا للعضوات: الدكتورة إيمان العسيري، الأستاذة عبير العلي، الأستاذة كفى عسيري، الأستاذة زهرة آل ظافر، الدكتورة مريم الغامدي، الأستاذة سمر طالع. شكرا لكنّ يا فارسات الملتقى وبريقه على جهودكن وأفكاركن التي ستكون تصريحا بعبور المرأة العسيرية إلى ميادين التوهج وفسحة الأمل.