سررت جدا بالإجراءات العملية التي اتخذتها القيادة السعودية بشأن التعاطي مع ملف العنصرية، إذ كانت الإجراءات حاسمة وحازمة؛ بأن الدولة ستقف بقوة ضد أية إثارة للنعرات المذهبية والقبلية.

ومن تلك الإجراءات التحقيق مع عسكري توعد مواطنين في القطيف بالقتل لأنهم لا يماثلونه مذهبيا. والتحقيق في أسباب نقل معلمة من منطقة مكة المكرمة وتحويلها إلى العمل الإداري وهو نقل اتخذ لأسباب طائفية. وما من شك أن هذه الإجراءات لم تأت من فراغ، فقد سبق أن شدد الملك سلمان في خطابه بتاريخ 10 مارس 2015 على أهم محورين في السياسة الداخلية، وهما الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية بين المواطنين من خلال المقولات التالية:

1- "إن كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي، فلا فرق بين مواطن وآخر، ولا بين منطقة وأخرى".

2- "نؤكد حرصنا على التصدي لأسباب الاختلاف ودواعي الفرقة، والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية، فأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات".

3- "إن للإعلام دورا كبيرا وفق تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في دعم هذه الجهود وإتاحة فرصة التعبير عن الرأي، وإيصال الحقائق وعدم إثارة ما يدعو إلى الفرقة أو التنافر بين مكونات المجتمع، فالواجب على الإعلام أن يكون وسيلة للتآلف والبناء وسببا في تقوية أواصر الوحدة واللحمة الوطنية".

على الصعيد العملي يظل تعزيز الوحدة الوطنية مرتبطا ارتباطا وثيقا بإصدار قوانين تجرّم كل ما من شأنه التحريض على الكراهية، فنحن في أمس الحاجة إلى تفعيل الإمكانات القانونية المتوافرة لدينا. وأشير خصوصا إلى المادة الـ12 من النظام الأساسي للحكم التي تنص على أن "تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام". ويُعد صدور النظام الأساسي للحكم بتاريخ 1412 من أبرز ملامح التطور السياسي والاجتماعي للمملكة، بل إن هذه الوثيقة الهامة قائمة في جوهرها على التطور وهو ما جاء في ديباجة النظام الأساسي للحكم: ".... بناء على ما تقتضيه المصلحة العامة، ونظرا لتطور الدولة في مختلف المجالات.."، ولذلك أقترح هنا وبناء على دراسات علم الاجتماع القانوني التي تركز على علاقة التأثير المتبادل بين المجتمع والنظام "القانون" وبعد 24 عاما على صدور وثيقة النظام الأساسي؛ أن نسهم في إكمال هذه المسيرة التطويرية، وذلك بالتوسع في نصوص المادة الـ12 وإرفاق الأدوات القانونية والضمانات اللازمة لحماية الوحدة الوطنية مثلا: "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، دون تمييز بينهم سواء بسبب الطائفة، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الجغرافي، أو أي سبب آخر.

ويعد التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير الكافية للقضاء على كل أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".

ختاما: لم أقترح على مجلس الشورى شيئا لأن أصواتنا بحت طوال السنوات الماضية بسن قانون يعزز الوحدة الوطنية ويجرم الأفعال العنصرية بمختلف أشكالها، ولكنه لم يحرك ساكنا!