أكد الرئيس الفرنسي فرانسو هولاند لزعماء دول مجلس التعاون الخليجي أمس، أن بلاده ملتزمة بمسؤولياتها تجاههم كأصدقاء لباريس في المنطقة، تاركا الباب مواربا أمام استخدام العمل العسكري الفرنسي إن استدعت الضرورة ذلك في سبيل الوفاء بالتزامات فرنسا تجاه أصدقائها الخليجيين.

وفي كلمته التي ألقاها في القمة التشاورية التي اختتمت أعمالها في الرياض أمس، أكد هولاند أن "فرنسا بلد مستقل وهي تتصرف بكل سيادة في ما تقرر أن تفعله أو لا تفعله"، وأضاف مستدركا "وبالتالي فإن شراكتنا مع دولكم ومع هذه المنطقة شراكة قوية، نحن أوفياء لأصدقائنا ولالتزاماتنا، وفرنسا لا تتردد في القيام بعمل ما إن كان هذا العمل ضروريا حتى لو كان عملا عسكريا".

غير أن الرئيس الفرنسي أكد أن بلاده دائما ما تسعى إلى تغليب صوت المفاوضات والعقل والحكمة، مضيفا بالقول "إذا أود أن أعمل بكل قواي على تعميق العلاقات وتعميق هذه الشراكة الاستراتيجية القائمة بين بلادي وبلدانكم ومنظمتكم على كل المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية ومجال الطاقة.. شراكتنا هي ثمرة التاريخ وإرث التاريخ، لذلك نريد العمل على تعميق هذه الثقة والصداقة".

ويعد الرئيس الفرنسي أول زعيم في العالم يحضر إلى قمم مجلس التعاون الخليجي منذ إنشائه قبل أكثر من ثلاثة عقود، وهو ما دعاه في بداية الكلمة إلى أن يعبر عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وللقادة الخليجيين، على دعوته كأول ضيف شرف في لقائهم التشاوري الـ15، فيما قال أود أن أنتهز هذه الفرصة لأحيي خادم الحرمين الشريفين على علامة الصداقة تلك.

واستحضر فرانسوا هولاند عددا من التحديات التي تواجه مجلس التعاون الخليجي كخطري داعش والقاعدة، والتحديات التي تمثلها زعزعة استقرار عدد من الدول المجاورة، بما في ذلك اليمن.

وقال "لقد تفضلتم يا خادم الحرمين الشريفين بتذكيرنا بذلك وكذلك المخاطر التي تترتب على أطماع عدد من الدول التي تتدخل في شؤون الآخرين، وأمام هذه الأزمات لقد اخترتم إطلاق عدد من المبادرات وهذا معنى العمل الذي قمتم به مثلاً فيما يتعلق بسورية، لقد وقفتم إلى جانب المعارضة السورية، وكذلك لا ننسى أن القمة الأخيرة التي انعقدت في مارس التي قمتم خلالها بالإعلان عن تشكيل قوة عربية".

ولم يغب الملف النووي الإيراني عن اهتمامات كلمة هولاند، إذ أشار إلى أن المحادثات الجارية حوله تستحق الحرص واليقظة كما تفعل بلاده، موضحا أن باريس تريد أن يكون الاتفاق الخاص بذلك الملف قويا ومستداما وقابلا للتحقق. وقال "يجب أن نعرف وتتعهد إيران بأنها لن تحصل على السلاح النووي، واتفاق لوزان ليس سوى اتفاق مرحليٍ هو مجرد خطوة على الطريق.. والطريق لا يزال طويلا، نحن نريد أن تكون هناك شفافية كاملة وتامة".

وفيما يتعلق بالعقوبات، أكد هولاند تأييد فرنسا أن يتم رفعها بشكل تدريجي، غير أنه أشار إلى وجوب التنبيه لتصرفات إيران، وأن الاتفاق الذي يجب أن نتوصل إليه لا يمكن أن يكون سببا أو يؤدي إلى زعزعة الدول في هذه المنطقة، مشددا على أن الحظر على توريد الأسلحة نحو إيران يجب أن يبقى قائما، خاتما حديثه حولها بالقول "نريد أن نحكم على إيران بالأفعال وليس بالأقوال".

وبينما شدد الرئيس الفرنسي على دعم بلاده لعملية عاصفة الحزم التي تحولت الآن إلى عملية إعادة الأمل، أكد أن ضمان أمن البلدان المجاورة هو تصرف ينبع من صديق وحرص على سلامة وأمن المنطقة ودولها، مؤكدا وقوف فرنسا إلى جانب الدول الخليجية تجاه ما يتهددها من تحديات، معتبرا أن الدفاع عن مصالح الخليج يعني الدفاع عن فرنسا.

وفيما أعلن هولاند عن اتفاقه والملك سلمان بن عبدالعزيز على ترقية اتفاق الدفاع القائم بين الرياض وباريس على أعلى المستويات، أكد أن فرنسا كانت دائما وما تزال تصر على صداقة تكون خلالها شريكا وحليفا قويا له صدقية ويمكن الوثوق به في المنطقة.




.. ويزور المعالم التراثية في حي البجيري

زار الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حي البجيري في الدرعية التاريخية، وكان في استقباله محافظ الدرعية الأمير أحمد بن عبدالله، ووزير الخارجية عادل الجبير الوزير المرافق، وعدد من المسؤولين في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والهيئة العامة للسياحة والآثار.

وتجول الرئيس الفرنسي في حي البجيري التاريخي الذي افتتحه أخيرا خادم الحرمين الشريفين، وتعد أولى مراحل مشروع تطوير الدرعية التاريخية الذي تقوم به الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والآثار.

واطلع الضيف على السوق والمعالم التراثية في الحي، كما استمع إلى نبذة عن مشروع تطوير الدرعية التاريخي، وشرح عن حي الطريف الذي تولت الهيئة العامة للسياحة والآثار تسجيله في قائمة التراث العالمي في اليونيسكو.