كانت خاتمة الأسبوع الفارط حافلة على نحو ما بفعاليتين مهمتين ما كان لي أن أفوتهما على الرغم من تزاحم الأعمال وشح الوقت المتاح، إلا أن موضوعي المؤتمرين اللذين انعقدا تباعا كانا من الإلحاح بمكان في ظل ما تعيشه منطقتنا من أحداث تستلزم اجتماع أمرنا على كلمة واحدة أمام التحديات المتسارعة. الملتقى الأول – جاءت توصياته بأن يسمى مؤتمرا - احتضنته مدينة الجمال والبهاء "أبها" ونظمه ناديها الأدبي باقتدار وحرفية لافتة تحت شعار كبير القدر والأثر هو الهوية والأدب، حيث توالت أوراق عمل رصينة في رصد معالم وملامح الهوية العربية والإسلامية في كل جوانب الحياة المنبثقة عنها مكانا ولغة وتعايشا ومشاركة في الحضارة الإنسانية، وتبارى القوم من أساتيذ الأدب وعلماء الاجتماع والمشتغلين بالنقد في وضع أطر لمفهوم الهوية محاولين في حذر الحفاظ على وحدة الشأن العربي في غير ما عزلة أو انكفاء على الذات، وللحق فلقد أنعش الملتقى/ المؤتمر المشهد الثقافي في مدينتنا الجميلة وأدخل عليها هواء عليلا كانت في حاجة إليه منذ زمن.

المؤتمر الثاني عني بالقراءة والقراء من الأطفال في العالم العربي، حيث احتشد كتّاب قصص الأطفال ورساموها ودور النشر المعنية بهم وبها في يومين ماتعين في مدينة المنامة العريقة بعد أن أعلنت مؤسسة الفكر العربي جوائزها عن مشروع " كتابي" لهذا العام، لتنظم بالمشاركة مع الجمعية العربية للقراءة "تارا" مؤتمرا مهيبا اجتمع له المتخصصون في أدب الطفل - وسنناقش هذا المصطلح في مقال لاحق - من كل مكان وافتتحه وزير التربية والتعليم في مملكة البحرين، كان الطفل القارئ هو محور الاهتمام وفي دائرة الضوء، بدءا من تحديد الفئة العمرية ومرورا بما يناسبه من الكتابات والرسوم وليس انتهاء بقضايا القرائية، ذاكم المصطلح الركيزة والمستهدف من فعل القراءة، الأمر الذي حتم أن توسم به أعمال المؤتمر "القرائية للجميع"، حيث انبرى للمصطلح أدباء وتربويون وخبراء في القراءة والقرائية عبر أوراق علمية، وورش عمل وجلسات نقاش، مما أظن أنه من المفيد بسط بعض مضموناتها في مقالات لاحقة هنا بمشيئة الله.

المؤتمران حقيقة جديران بالحضور والمتابعة ويبعثان على الطمأنينة من أن بيننا من تعنيه مسائل تقدمية تتأسس على الإنسان ونمائه صغيرا وناشئا وكبيرا، ويحفزان على أن نعمل مجتهدين ومثابرين من أجل وجود أفضل وأوقع أثرا.