سبق أن كتبت أكثر من مرة أن العنصرية ما زالت مرضا مستشريا في مجتمعنا، فعلق البعض أن الوضع في بعض دول التوتر والحروب الطائفية مثل العراق وسورية والآن في اليمن، هي البؤر التي يمكن لنا أن نعدّها تعيش حالة من العنصرية والطائفية.

أما في مجتمعنا فإننا، ولله الحمد، ننعم بمجتمع مثالي لا تشوبه أي مظاهر أو ممارسات عنصرية.

دعونا ننظر إلى الأمر بشكل يتماشى مع نظرة التبجيل التي يفضلها هؤلاء، فرغم تهوينهم المستمر للأمر نجد أن أعلى سلطة في البلاد -خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- أكد مرارا على ضرورة "التصدي لأسباب الاختلاف ودواعي الفرقة، والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية"، ونبه وسائل الإعلام بـ"عدم إثارة ما يدعو إلى الفرقة أو التنافر بين مكونات المجتمع".

ورغم أن التوجيهات واضحة من خلال الممارسة الفعلية للقيادة في هذا الصدد، نجد أن مجلس الشورى المعني بالتشريع في جميع القضايا التي تهم المواطن لا يزال عاجزا عن إصدار أي قرار بخصوص الأنظمة التي تحارب العنصرية وتجرمها، وآخرها "نظام المحافظة على الوحدة الوطنية" الذي قدمه ستة من أعضائه.

لا أعلم لماذا يطول النقاش والبحث والتمحيص في المجلس المبجل، وبالتالي يتأخر صدور قرار بتمرير النظام وتفعيله، وهو الذي يهدف إلى "صيانة تماسك النسيج الاجتماعي من مخاطر النعرات العرقية والقبلية والمناطقية والطائفية والتصنيفات الفكرية المهددة للسلم الأهلي والوحدة الوطنية، وتجريم التحريض على الكراهية أو التمييز أو التعصب ضد الأشخاص بسبب انتمائهم العرقي أو القبلي أو المناطقي أو المذهبي أو الفكري"، فهل يحتاج المجلس إلى لجان منبثقه وورش عمل و"لِلّت والعجن" كي يعي أن الوطن اليوم هو في أمس الحاجة إلى نظام يحمي وحدته من عبث العنصريين والانعزاليين والمناطقيين والطائفيين؟!

أود أن أذكّر من يعتقد أننا مجتمع خال من العنصرية بقصص التفريق بين الزوجين لعدم تكافؤ النسب! واحتفالات المزايين التي تمجد القبيلة علي حساب الوطن! وقصة نقل معلمة في مكة لمكتب تعليم الجموم لأسباب عنصرية! وتهديد عسكري عبر "تويتر" لأهل القطيف الأمر الذي دعا وزير الدفاع للتوجيه بفتح تحقيق معه! وكثير من القصص التي ينقلها الإعلام أحيانا ويسكت عنها أحيانا أخرى.