* "هي ليست لعبة يلهو بها الصغار قليلا ثم لا يلبثون أن يملوا منها أو يكبروا فيهجروها ولا تبقى منها إلا الذكريات، كلا.. بل هي نار تحرق.. وبحر يغرق.. ولا يجوز الاقتراب منها أبدا.

أتحدث عن "العنصرية" التي لا ينبغي التعامل معها على أنها مجرد سجالات إعلامية، وحماس جماهيري يجني منها البعض مكاسب وقتية. كلا فالأمر أكبر من ذلك وأخطر، ولا ينبغي الاقتراب منها أبدا".

* ما مضى ليس كلاما جديدا بل هو جزء من مقال كتبته في هذه الزاوية تحت عنوان "عنصريون ولكن.." بتاريخ 18/02/2014، رجعت إليه بعد أن أطلت العنصرية بوجهها القبيح مرة أخرى في وسطنا الرياضي والإعلامي، فوجدت أن "الخبر نفس الخبر.. ما طرى علمٍ جديد!"

* كل ما ذكرته في ذلك المقال يناسب واقعتنا الأخيرة.. تتغير الشخوص وتبقى العنصرية هي هي لا تتغير.. لها وجه واحد قبيح المنظر لا تستطيع كل مساحيق المكياج أن تجمله، ولا تنفع فيه محاولات جميع أطباء التجميل في العالم.

* العنصرية داء قديم.. بل هي من أوائل الذنوب في التاريخ، ألم يقل إبليس مبررا عصيانه للأمر الإلهي: "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين"..؟!

بل إنها وُجدت حتى في أفضل مجتمع بشري عرفته الكرة الأرضية على الإطلاق، في المجتمع النبوي ولكن رد المصطفى، صلى الله عليه وسلم، على من أطلقها كان حاسما: "إنك امرؤ فيك جاهلية".

* لهذا فإن استغراب وجود العنصرية في حياتنا بشكل عام ليس له محل من الإعراب.. الغريب فعلا هو غياب البرامج التوعوية والعلاجية التي تحاربها في جميع المؤسسات.

* نحتاج فعليا إلى تضافر جميع المؤسسات لإنتاج برنامج وطني يحارب هذه الآفة يشترك فيه الجميع: رجال الدين وأرباب الأدب والثقافة والتعليم والإعلام، وبالطبع يجب أن يكون الرياضيون مشاركين في هذه الحملة.

* الرياضة تقوم على هدم مبدأ العنصرية من أساسه، بهذا التمازج الفريد من نوعه الذي نشاهده فيها، إذ إن أي فريق يحوي لاعبين من مختلف الأطياف، وكذلك الحال بالنسبة لمشجعيه.. فكيف تجد العنصرية في رياضتنا رواجا يا ترى؟!

*أختم بهذا الموقف الذي شاهدته أمس "ويشاهده الجميع باستمرار".. عند إحدى المدارس الابتدائية شاهدت طفلين في السابعة من أعمارهما "تقريبا" يخرجان من باب مدرستهما، ويضع كل واحد منهما يده على كتف الآخر خلف عنقه، ويسيران بهدوء ويضحكان بكل براءة الدنيا بالرغم من اختلاف لونهما.. لم يفكرا في اللون ولا في الأصل وفي القبيلة ولا في المنطقة ولا في أي شيء آخر.. تذكرت مباشرة ما يحدث في قنواتنا الرياضية، وتمنيت أن يتعلموا أبلغ درس في الحياة، والذي يؤكد أن البراءة لا تعرف العنصرية.

* "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".. هذا سبب اختلافنا: "كي نتعارف".. صدق الله وكذبت عنصريتنا.