ما يسند الظهر، لو جعلته أمامك، فإنه سيسد الطريق. ما يسند الظهر جدارك من الأشياء التي مررت بها، وعلمتك اعتدال القامة. الجدار الذي تعلق عليه ذاكرتك، الشوال الذي تودع فيه الأيام، واحدا تلو الآخر. ليس عليك أن تحمله، لا طاقة لك به، ولو حاولت فسيحطم كتفيك. إنك تملأه وتمضي. يحدث أن ترجع إليه وأنت في سهاد عارض، تدس يديك فيه، وتقلبه لتتأكد أن حكاية ما – مثلا - لم تتعفن، وقد تفعل فقط كي تستعيد ضحكة أو أغنية أو صدفة. قد تغمض عينيك وتسحب منه شيئا، على طريقة اليانصيب، فتخرج بورقة لسيوران "سر تكيفي مع اليأس، أنني أبدله مثل القمصان"، تضحك وتعيدها في مكان آخر، غير الذي كانت فيه. تدخل يدك مرة أخرى وتسحب، هذه المرة خرج لك فيلم غريب، كنت قد رأيته مرتين. حسنا ستراه للمرة الثالثة. اسمه Cashback تجلس وقدامك ورقة وقلم، وتبدأ تدوين العبارات، أول عبارة استوقفتك كانت؛ "إيقاف الزمن ليس علما، إنه قدرة فردية" قالها "بن"، الفتى الآتي من قصة خائبة ليعمل في سوبرماركت، وراح يدرب نفسه على إيقاف الزمن، أن يعبر في اللحظات، تجميد شيء أو شخص ما لوهلة، ثم الولوج إلى عالمه، كانت الفكرة مهولة ومخيفة، لم تكن طريقة لعينة في إدراك الفن والذهاب عميقا في حقائق الأمور والآخرين بداية، كانت أشبه ما تكون بتسلية لتحاشي الأسى!. تعيد مؤشر الفيديو للبداية، هذه عبارة أخرى لـ"بن" تصلح للنهايات التي لا يمكن توقعها بين اثنين؛ "هذه هي الفترة المحزنة، الوقت الذي تأتي فيه شياطين الندم إليك". يسكت قليلا ثم يضيف؛ "قرأت كل الكتب التي طالما تمنيت أن يتسع الوقت لقراءتها، لكنها لم تكن أبدا بمنأى عن خيالي". تسجيل العبارات ليست تلك الطريقة الممتعة لمشاهدة فيلم، لكنها طريقة ممتازة للتخلص من ليلة رديئة. هذه عبارة أخرى؛ "إن الشكل النسائي كان وما يزال مصدرا عظيما من الإلهام، وكنت دائما في رهبة من القوة التي يمتلكنها بغير علم". حين تقدم "بن" للوظيفة في السوبر ماركت، وبينما كان صاحب العمل يجري معه مقابلة وقفت أمام عبارة أخرى وسجلتها؛ "شعرت بنوبة دوار، في بقعة نائية. تيار من النتائج المجهولة كانت في طريقها، وتتحرك باتجاهي مثل موجة من القدر، لا يمكن إيقافها". الفيلم مدته ساعة ونصف، ويحدث أن يراه أحد ما في أربع ساعات. مع آخر ثانية، ينطفئ الجهاز، يرجع الفيلم والقصاصات وكل العبارات التي تغطيها، بخط غير منتظم، إلى الشوال. تعيد الشوال لمكانه. تستند على جدارك وتنام.