يقول أبو حيان التوحيدي: (أغرب الغرباء من كان غريباً في وطنه)، وفي عصرنا الحديث تمت معالجة مفهوم الاغتراب بكثرة في مجالات السياسة والاجتماع والأدب، فصار ظهور الاغتراب كحالة إنسانية مرتبطا بتطور المجتمع وتعبيرا عن حالات الرفض لاستغلال الإنسان في المجتمعات الحديثة وانتهاك خصوصيته.

وفي هذه المقالة سنقوم بتسليط الضوء على حالة الاغتراب التي يعيشها فئة معينة من جماهير نادي الشباب، وحالة الفقدان للانتماء الواضحة التي يعيشونها جاعلة هذه الفئة تعيش نوعاً من الافتقار للمعايير، فهم يحبون نادي الشباب ويتمنون سقوطه، ويحبون الإدارة السابقة أكثر من نادي الشباب وفي ذات الإطار هناك إدارة جديدة لا يستطيعون الانتماء لها حتى لو حققت لهم كأس العالم وقدمته لهم على طبق من ذهب.

هي حالة رياضية نفسية واجتماعية متداخلة تشعر معها بفوضى المعايير، فهم لا يستطيعون التواءم مع الواقع المعاش ولا يستطعيون أن يعيشوا الواقع كما هو، لذا فضلوا العيش على أطلال الإدارة السابقة.

لذا أستطيع القول إن نادي الشباب الآن يعيش أزمة تتمحور حول الانتماء وحالة من التشوه في الانتماء، هذه الأزمة صنعت لنا مشجعاً جديداً لديه شعور بالوحشة والقنوط والاغتراب، فلم يعد يدري ما مصير أفراد الإدارة التي ينتمي لها وجدانياً، فهو لا يتوقف إطلاقاً عن الرثاء وترديد مناقب تلك الإدارة، مع التربص لاقتناص أدنى فرصة أو انتظار أقرب هزيمة للانقضاض على الإدارة الحالية، حتى وصل الحال ببعضهم إلى التصريح علانية بأمنيته لخسارة الشباب والدعاء بالتوفيق للمنافسين، وهذا الفعل صدر في حضرتي أو في حضرة من لا أشك في قوله.

فهم ينتمون صراحة للإدارة السابقة وكل أفرادها (حتى لو كانوا من غير الشبابيين)، ولديهم حالة من العدائية ضد كل من ينتمي للإدارة الحالية باستثناء من يعتقدون أنه من بقايا فلول الإدارة السابقة، أو من لديه تأييد قديم أو جديد للإدارة السابقة، فهل رأيت يا عزيزي القارئ مقدار الأزمة التي يعيشها نادي الشباب في الوقت الراهن؟

يجب أن تدرك الإدارة الشبابية مقدار الأزمة، ومدى الانشطار الهائل في المنظومة الشبابية، فالمسألة لم تعد مسألة أخطاء فنية أو إدارية، القضية الآن قضية انتماء مفقود، وهذه الفئة التي تزعزع انتماؤها هي وسيلة الضغط الأولى ضد نادي الشباب، وهي مجرد أداة في قبضة من يدبر الحركات السرية في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعية لإسقاط الإدارة.

والمشجع الشبابي الآن يعاصر حالات التوحش اللفظي والقسوة المعنوية التي يتعرض لها كل أفراد الإدارة وكل الجماهير والإعلاميين الذين يقفون مع الإدارة الحالية، حتى شاع بكثرة وصفهم بأوصاف خارجة عن الذوق والاحترام مثل: (طبول، مرتزقة، منتفعين، خونة) ولعبة كرة القدم لا تحتمل هذا القدر من الوحشية اللفظية، والأدهى والأمر أن هناك من يرددها في كل وقت وحين كما يردد أحدنا أذكار الصباح والمساء.