حتى الآن لم يتنامى إلى علمنا أن البشرية في كوننا هذا اتفقت على شيء ما، حتى ولو بشبه الإجماع، حتى الأشياء التي يمكن أن نصفها بالبديهية قد يخرج علينا من يختلف عليها، ونعلم كذلك أن هناك أناسا يعشقون التغريد خارج السرب، وكل له أسبابه التي يجب أن تُحترم حتى على علتها، وهناك أيضا أناس متربصون.. متلونون.. يجلسون في الصفوف الأولى نراهم يصفقون، ولكنهم ليسوا بمصفقين، وهؤلاء هم من يصطادون في الماء العكر عندما تأتي الرياح على عكس ما يضمرون في قلوبهم.

قبل انطلاق عاصفة الحزم كنا نعلم جميعا أن المنطقة ومنذ أكثر من أربع سنوات تجتاحها عواصف عارمة، ولم تعد هناك دولة عربية واحدة بمنأى عن تلك العواصف، فاستوجب الأمر أن تنطلق عاصفة "مضادة" بقيادة الملك سلمان لتوقف التمدد الصفوي نحو المنطقة، وقد رأينا التضامن العربي مع هذه العاصفة، بل والتأييد الدولي غير المسبوق، ومن المؤمل في مثل هذه الأحداث أن يقوم الإعلام بدوره المنوط به لشرح عدالة وشرعية قيام التحالف لإنقاذ بلد عربي من أنياب الفرس، ولكن من غير الطبيعي أن نجد نفرا قليلا من الإعلاميين أصحاب الأجندات الخاصة يهرطون ويتمايعون بآراء هي في الحقيقة لا تمثل أوطانهم.

وأقول لمن خالف واختلف ولمن في قلبه مرض: المملكة ومصر ليستا رمانة ميزان المنطقة فقط، بل إنهما المتن الحقيقي لهذه المنطقة ولا غرو في ذلك، البلدان هما ربان سفينة هذا الوطن، وهذا ليس اختيارا منهما ولكن من أقدار الله أن جعل لهذه المنطقة عمودين يشدان من أزر بعضهما البعض.

يا إعلاميينا -وأخص بالذكر المملكة ومصر- ابتعدوا عن السجالات غير المحببة التي لا طائل من ورائها غير شماتة المتربصين، اتركوا من يختلف معكم في الرأي، دعوه وشأنه فلا تقيموا له وزنا، فالمطلوب منكم الاصطفاف خلف قادتنا، وألا نلتفت إلى الأصوات النشاز التي يحلو لها التغريد خارج السرب.