البعض يوظف فهمه للصراع الطائفي بشكل خاطئ أثناء قراءته للأحداث في المرحلة الحالية، فالأفعال وردود الأفعال غالبا تأتي في إطار سلبي متشبع بالطائفية، ويلاحظ ذلك على تعبيرات البعض من المثقفين والمؤثرين على الرأي العام، وكما نعلم أن العلم والثقافة والأدب ليست بحاجة إلى قالب مذهبي لتتشكل فيه، ثم يصبح خطاب مثقفيها منطلقا منه اعتدادا بالمرجعية، بل إنها بحاجة إلى التجرد من الأفكار التي توظف بها الآراء المذهبية كمنطلقات في خطاب المثقف حين لا يمتلك حيادية عن عواطفه وانتماءاته.
إن تحليل النظرية الطائفية لا يكون إلا بفهم تناقضات المجتمع في صميمها، فهو بحاجة إلى عقلية ناقدة تجريدية تضع الأمور في موازينها الصحيحة، وهناك من يسعى إلى تكريس علم طائفي بناء على فرضيات الثقافة السائدة الكامنة نفسيا لدى البعض، حينما لا يجد القدرة على التحرر منها، فالإشكالية القائمة في الخطاب الفكري لدى بعض المثقفين، حين يكون هناك انحياز إلى أحد أطراف التناقض، فحينما لا يتوفر لديه النقد سيكون خاضعا لاستبداد الرأي على شقيه، وكأنه يسهم بشكل ما في تكريس التفرقة وتأزيم إشكالية الاختلاف، الأمر الذي يعطي نتيجة سلبية في تغذية النزاع وتحويله مستقبلا إلى صراع بالتأثير على العقل الاجتماعي ما يؤدي إلى سيطرة الأزمة على الثقافة المجتمعية.
إن تناول فكرة ما والكتابة عنها، سواء في تغريدة أو مقال أو كتاب، تحتاج إلى أن تبنى على تحليل وفهم للسياقات التي تقدم فيها الفكرة، من أجل أن تكون تمهيدا للتمكين العملي للنقد وفرض العلم وأدب الحوار بشكل حتمي على واقع المجتمع.
ما وقعت فيه بعض المجتمعات من مهالك الصراعات الأهلية كانت نتيجة لآليات محضرة ومعدة مسبقا ما جعلها ضحية، فالخروج من الأزمة الفكرية وتوحيد الصف والكلمة يرتقيان على التعاطي مع الأزمة والحراك بداخل دوائرها وتكريسها كثغرة يتمتع المتربصون بإشعال النزاع من خلالها تحت مظلة الوطن الواحد، وهذا الوقت الذي يحتاج فيه الوطن على المستوى الثقافي إلى جيش من الأقلام المناضلة لترتقي بالوعي الاجتماعي وغرس مفاهيم المواطنة والولاء للوطن كحق يمتلكه الجميع.