يجب علينا ألا نبحث عن الحكمة في الخارج.. فهي في داخلنا وذلك لأن كل ما هو خارجي مساوٍ لكل ما هو داخلي. كلما أسرعت في هروبك من شيء ما، وصل إليك أسرع. إذا كنت لا تحب شخصا ما أو شيئا ما وتكرهه، فإنك تتحول إلى الشيء الذي تكرهه ولا تحبه، كلما زادت مقاومتك لشيء ما، زاد هذا الشيء قوة لأن قوة الفعل مساوية لقوة رد الفعل. إن الشيء الذي تنتبه إليه بشكل خاص وتخاف من حدوثه، يربطك إلى نفسه فتقع في ذلك الوضع.

عندما نقابل شخصا ما، فإن عقلنا يستعين مباشرة بالذاكرة ليستمد منها المعلومات الضرورية. وعندها يتعامل العقل مع ذاكرته وأفكاره، أي أنك لا تتعامل مع الشخص بل تتعامل مع رأيك به. ومن المحتمل أن هذا الإنسان قد تغير منذ زمن، وهو على الأغلب قد تغير لأن لا شيء ثابت في هذه الطبيعة. ولكن عقلنا يوقعنا في الفخ بأن يدفعنا للتعامل مع أشياء حدثت في الماضي حسب نظرية فلاديمير.

إننا محرومون من رؤية ما بداخلنا لأن هذا هو تكويننا ولكننا نستطيع معرفة ذلك إذا نظرنا إلى الخارج لأن العالم الخارجي هو استمرار مباشر لنا، بتعاملنا مع العالم نتعامل مع أنفسنا. إننا كثيرا ما نسمع السؤال: "كيف تتوصل إلى محبة نفسك؟ وصار في مقدورنا الآن أن نجيب عن هذا السؤال بجواب واحد: عليك أن تحب العالم المحيط بك وتقدم له المساعدة. وبهذا سيأتي رد الفعل.

أنك إذا أخذت كوبا وملأته بالماء الملوَث وحاولت أن تنظر من خلاله إلى النور، فإنك لن ترى شيئا لأنَ الضوء سيبدو ضعيفا جدا. ورغم أن الكوب يحتوي على الأوساخ وعلى الماء النقي الشفاف، فهما مختلطان لدرجة لا تستطيع أن تميز أحدهما عن الآخر، والإنسان يشبه هذا الكوب الحاوي على الماء الملوث. فالأوساخ هي قيودنا وعقد نقصنا وقناعتنا الخاطئة وأوهامنا بخصوص طبيعة الأشياء وبخصوص موقعنا ودورنا في هذا العالم. أمَا الماء النقي الشفاف فهو الحكمة الأصلية، ونور الوعي، والإدراك الصافي، الموجود في كل شخص فينا. هذا هو الجواب على "ماذا يعني أن تكون نفسك؟".

تذكر دائما أنك كلما اصطدمت بشيء ما في هذا العالم، فهو على الأرجح مختلف عما هو في الحقيقة. بعد أن تعتاد في داخلك على هذه الفكرة ستتقدم بالتدريج في اتجاه الحقيقة، وفي الواقع ستعاني من الشك في كل مرة وتسأل نفسك: "أهذا فعلا ما أراه؟ أهذا فعلا ما أسمعه؟" وتدرك أنه يمكن أن يوجد شيء مختلف تماما عما تراه.