قد لا أبالغ إذا قلت إنه ليس هناك مثيل لدوري الدرجة الأولى في السعودية عن أي دوري آخر حتى على مستوى العالم، وحدث كثيرا أن فريقا أو فريقين يبعدان بأكثر من عشر نقاط في نهاية الدور الأول ويصعدان في آخر جولة أو جولتين، بينما المتصدر منذ الجولات الست الأولى وحتى آخر جولتين يتراجع ثالثا أو أبعد من ذلك، وهذا ما تأكد مجددا هذا الموسم بصعود القادسية والوحدة وتقهقر النهضة ثالثا والاتفاق رابعا، في مشهد مثير جدا.

فرحت بصعود القادسية والوحدة وحزنت على النهضة والاتفاق، ولكنني سأكتب اليوم عن الشق الأول، ومن ثم أخصص مقالا لمن أصيبوا في مقتل آخر رمق.

الوحدة والقادسية لهما تاريخ مشرف وحققا بطولات كبيرة، وأنتجا عددا كثيرا من المواهب والنجوم، وفي عودتهما لدوري الأضواء "دوري عبداللطيف جميل" إثراء كبير وقوة منافسة.

القادسية بعد أن كان خامسا في نهاية الدور الأول وبفارق "9 نقاط" عن النهضة المتصدر، اتخذ قرارات حاسمة من بينها تغيير المدرب في مرحلة مهمة وتقدم حتى خطف الصدارة في آخر جولتين، وكانت الفرحة عارمة عبر شاشة القناة الرياضية أمام الحزم في الرس تزامنا مع باقي المباريات.

وفي المقابل، التعاطف أكثر مع الوحدة الذي هبط قبل أربعة مواسم بسحب ثلاث نقاط بتهمة "التلاعب" في مباراته مع التعاون. وعاد بفوز ثمين آخر يوم على الباطن، واكبه أفراح عارمة حتى من غير الوحداويين.

وفي هذا المقام، أستشهد بالخبير الرياضي المخضرم والوحداوي الأصيل محمد رمضان الذي تغلب على مرضه وعجزه وشيخوخته وقام (ينطنط) ويرقص المزمار مع ابن أخته الاتحادي، حسب روايته في مقال له أمس بصحيفة "مكة"، قرأته وتلذذت به، متمينا أن يؤثر فيمن وجه لهم رسائل لدعم الوحدة أن يبقى ناديا قويا.

والوحدة كان سابعا في نهاية الدور الأول بفارق 11 نقطة عن النهضة المتصدر وثماني نقاط عن الوصيف الاتفاق. لكنه عمل بجد وكفاح وتجاوز الأزمة الإدارية والشرفية حتى الجولة ما قبل الأخيرة حين فاز على النهضة "المتصدر" في مباراة مثيرة جدا، وأصاب النهضة في مقتل بإعادته ثالثا وأصبح الوحدة ثانيا خلف القادسية.

ومن خلال متابعة مباراة الوحدة مع النصر في كأس خادم الحرمين الشريفين أعتبرها بمثابة اللقاح للتزود به في أهم وأقوى منعطف لدوري الأولى. ولا أخفي إعجابي بما ظهر به "الفرسان" أمام النصر والتقدم ثم تمديد الوقت قبل الخسارة في وقت قاتل بعد أن حبسوا أنفاس النصراويين 120 دقيقة، وشاهدنا عددا من اللاعبين بما يثبت أن مكة أرض خصبة للمواهب ممن يرتجى فيهم مستقبلا مشرقا.

وبعودة الوحدة ستزداد سخونة مباريات "الغربية" مع الاتحاد والأهلي، وستعود ذكريات وتحديات خالدة مع الفرق البطولية بشرط تكاتف أبناء مكة وتفاعل رجال الأعمال واستمرار من نذروا أنفسهم لخدمة النادي في أحلك الظروف وأصعبها حتى عاد للأضواء.

وبالنسبة للقادسية فقد عانى كثيرا من مصادمات وخلافات وصراعات خلال الجمعية العمومية في أكثر من مرة، ووصل الأمر إلى اتهامات خطيرة بحق الرئيس الحالي معدي الهاجري الذي أيضا مع أعضاء إدارته نجحوا في تفادي سلبيات الجولات الأولى وتم الاستعانة بالمدرب التونسي الناجح دائما "جميل بلقاسم" وحقق الطموحات بالعودة بعد مباريات صعبة ومتعاقبة وهو الذي كان خامسا في الدور الأول.

الجميل هنا أن الكثير من المقربين للبيت القدساوي مؤمنين بما قدمته الإدارة الحالية، وهذا يعزز استمرارها لما هو أفضل.

القادسية سبق وحقق كأس آسيا وهو من أبرز الأندية إن لم يكن الأبرز في تنمية المواهب والاستثمار في اللاعبين بما يعين الإدارة على تسيير أعمالها جيدا.