27 يوماً كانت كافية لرؤية المواطن العادي أبعاد عملية "عاصفة الحزم" من زوايا قد لا يتوقف عندها كثيرا المحللون السياسيون والخبراء العسكريون في قراءتهم للعملية. لكنها هي الملامح الباقية بعد أن تضع الحرب أوزارها.

فمنذ اليوم الأول لعملية "عاصفة الحزم" نجح السعوديون وبامتياز في استشعار المواطنة، كانوا حريصين على اللحمة الوطنية. وبمختلف انتماءاتهم الفكرية والمذهبية أجمعوا على أن وطنهم يستحق أن تنحى لأجله كل خلافاتهم في سبيل تعزيز الجبهة الداخلية. عززت "عاصفة الحزم" ثقة المواطن في وطنه، لا أدل من ذلك سير الحياة فيه بشكل طبيعي، وكأنها ليست قواته التي تقود حربا منذ نحو شهر.

من يصدق أن هذا البلد الذي تخوض قواته معركة في الجوار، هو ذاته الذي يتداول في سوقه المالي بمليارات الريالات دون وجل، وتغص مدرجات ملاعبه بالجماهير الرياضية، وتمتلئ أسواقه بمختلف السلع دون زيادة مفاجئة في الطلب كما في حال الأزمات؟!

من ناحية أخرى، كشفت لنا "عاصفة الحزم" معادن الآخرين، فميزت الخبيث من الطيب، وتبين الصديق الذي يعتمد عليه ومن لم يقدم سوى الخذلان رغم أن الحاجة إليه لا تتجاوز الدعم معنوياً. كما أخرست العملية العسكرية ما يشاع عن أننا بلد غير قادر على حماية نفسه إلا بمساعدة خارجية، فأثبتت "عاصفة الحزم" أن هذا الوطن ليس عاجزا عن حماية أراضيه فحسب، بل وعلى استعداد لتلبية نداء من يستنجد به من الأشقاء لرفع الضرر عنهم. لم تنجح "عاصفة الحزم" في تحقيق أهدافها المرسومة فحسب بل وأعادت للأمة هيبتها التي كدنا نظن أنها أصبحت جزءاً من الماضي.