يعرف فضيلة الشيخ الدكتور، محمد النجيمي، كم بيننا من حبال الود، التي لن تقطعها شوارد الاختلاف المحمود أو طبيعة البشر في تباين وجهات النظر. وقفت بجواره ذات يوم محاضراً أمام حشد عملاق، والقصة برمتها استعراض للأفكار، ومن الخطأ على الشخصية العامة أن – يشخصن – التباين والاختلاف. حين يصبح الفرد شخصية عامة فإن عليه أن يتحمل تبعات هذا القرار. هذه هي بروتوكولات المشهد الفكري. وحين كتبت عن قصة الشيخ، محمد النجيمي – في حادثة محاضرة الكويت، فأنا لم أخرج بالكتابة عن بروتوكول المشهد الثقافي في حوار الأفكار ونقاش المواقف العامة، وكل ما قلته لصاحبي الأثير العزيز ليس إلا أن يدرك الفوارق بين الثبات على المواقف، وألا يتحول الموقف إلى كلام للاستهلاك من شاكلة أن ما يصلح في قاعة بالكويت لا ينطبق على قاعة بالرياض. لكنني فوجئت تماماً بهجوم فضيلته اللاذع عبر تسجيله الصوتي على (البال توك) والمنشور في صحيفة – الوئام – الإلكترونية، مؤملاً ألا يخرج فضيلته مرة أخرى لينفي هذا التسجيل ويتهمه بالدبلجة مثل ذات النفي لصوره السابقة مثار الجدل. ويؤسفني أن فضيلة الشيخ الوقور قد حول نقاش الأفكار إلى ما يشبه نزال عرضة شعبية بين شاعرين، ومن يقرأ رده التسجيلي فسيظن أننا في محاورة من شعر – القلطة – بين الصفوف ولم يبق له إلا أن يقول: يقل – إم نجيمي قال ابن موسى – وهو يستخدم عبارات مثل – إن الموسى قد – تمنذل – عليَّ وسوف أدفعه الثمن غالياً ولن أرد عليه لأنه ليس في منزلتي. نحن في نقاش أرفع من هذه اللغة وفي سقف من حوار الأفكار أرفع من هذا الرد بكثير، وإذا كان فضيلته يرى أنني لست في منزلته، فإنني، وعلى النقيض، أرى نفسي في منزلة لا تصل إلى مستوى هذا النزال من الردح أو من تراتيل اللغة، وللقارئ أن يحكم على الفوارق ما بين المنزلتين، وإذا كان هذا بالضبط هو تقدير – المنازل – كما هو في حديث فضيلته فهو محق تماماً أنني لست في منزلته. أما قول فضيلة الشيخ إنني سأدفع الثمن غالياً فهو بالضبط ما قاله الشاعر الشعبي الشهير – إم عجيبي – ، لكل الشعراء الذين توهم أنهم أمامه على طرف صفوف العرضة، ولست شاعراً حتى أرد عليه رغم خوفي ووجلي من التهديد بدفع الثمن، فأنا لا أعرف الدفع ولا الثمن الذي سأدفعه. كل خوفي ووجلي من – المعنى – الذي استعصى على الفهم من لسان – الشاعر-.