لا يمكن اعتبار الاستقالة الجماعية لأعضاء مجلس إدارة نادي المنطقة الشرقية الأدبي، سوى تعبير حضاري عن احتجاج ما، على وضع ثقافي متذبذب خصوصا في جانبه الإداري والتنظيمي، فمنذ إعادة تشكيل مجالس إدارات الأندية الأدبية قبل خمس سنوات، والوعود الرسمية التي تهطل على الوسط الثقافي، موحية بغد أفضل، وعصف الأفكار والتطلعات تحرك ساكن الساحة بين حين وآخر، حيث طرحت عدة أفكار من قبل وزارة الثقافة والإعلام مثل دمج الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون ثم إنشاء مراكز ثقافية، دار جدل كبير حول ماهيتها، وهل هي بديل للمؤسسات الثقافية الموجودة حتى جاء الخبر اليقين، فهي مبان مستقلة تقام فيها النشاطات الثقافية، تم اعتماد بناء عدد قليل منها.
لا أريد أن أقول هنا إن ما حدث ويحدث للمؤسسات الثقافية، مؤشر على غياب إستراتيجية واضحة لدى الوزارة، فالمؤكد أن الخطط بنوعيها القصيرة والطويلة المدى موجودة. ولكن يمكن أن نقول إن المشكلة الأساسية هي في تعدد الرؤى وربما تشتتها في بعض الأحيان، مما أحدث حالة من الإرباك في أوساط هذه المؤسسات، فبعض الأطراف في الوزارة وخارجها من الجهات الرسمية المؤثرة، يريد السيطرة على هذه المؤسسات وتحويل مجالس إداراتها وأعضائها إلى مجرد موظفين يتبعون في كل قرار الرؤية الخاصة لهذه الأطراف التي تلبس رداء الوزارة وتتحدث باسمها، وأطراف أخرى ترى أن المثقف والمبدع هو المسؤول الأول والأخير عن مدى نجاح عمل هذه المؤسسات، وبالتالي تستمع لما يطرح وتتقبل النقد البناء.
وهناك مشكلة أخرى مدفونة دائما، هي طبيعة العلاقة بين الوزارة ممثلة في الشؤون الثقافية والأندية الأدبية، ففي حين تنص لوائح الأندية القديمة والجديدة على أنها مؤسسات مجتمع مدني ذات استقلالية ما، تمثل التعيينات الوزارية لأعضاء إدارتها والميزانية السنوية التي لا تتجاوز مليون ريال التي تدفعها الوزارة، حلقة وصل إداري واضح، وصلت إلى أن تتدخل إدارة الأندية الأدبية في إلغاء فعالية مقرة ومعلن عنها في نادي الرياض الأدبي.
وبالعودة إلى الحدث الراهن وهو الاستقالة الجماعية في أدبي الشرقية، أعتقد أن رد الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة الذي نشر عبر وكالة الأنباء الرسمية "واس"، وأسفه لهذه الاستقالة، وفي ذات الوقت تطلعه إلى ظهور الجمعيات العمومية للأندية على التوالي "قريبا"، سيطمئن الوسط الثقافي ـ ولو قليلا ـ بأن الوزارة جادة في الاتجاه للانتخابات، خصوصا بعد أن سرت أحاديث في أوساط المثقفين والأدباء بأن الانتخاب الذي ورد في نص اللائحة "ذهب مع الريح" في رأي الأكثر تشاؤما، وفي نظر المتفائلين بأنه" على كف عفريت".
ولكن السؤال الآن: هل تستطيع الوزارة تحديد سقف زمني واضح لانتخاب أول جمعية عمومية؟. بالتأكيد الإجابة لديهم.. فاسألوهم؟.