صدر مساء الثلاثاء 14 أبريل 2015 قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، بعد مفاوضات استمرت عدة أسابيع، ملبيا معظم طلبات الحكومة اليمنية الشرعية، ومدينا الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومحددا عددا من الخطوات التي ينبغي اتخاذها لاستعادة أمن اليمن واستقراره.

فطالب القرار الحوثيين "فورا ودون قيد أو شرط" بالكف عن استخدام العنف وسحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، بما في ذلك العاصمة صنعاء، وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والتوقف عن ممارسة جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية في اليمن. وطالب الحوثيين بإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم وتسريح جميع الأطفال المجندين في صفوفهم، حيث يشكل الأطفال نحو ثلث إجمالي الأفراد في الميليشيات الحوثية. كما طالبهم بالإفراج عن اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع في اليمن، وعن جميع السجناء السياسيين والأشخاص الموضوعين رهن الإقامة الجبرية أو المحتجزين تعسفيا. كما طالبهم بالامتناع عن استفزاز أو تهديد الدول المجاورة.

وفي الجانب السياسي، أكد قرار مجلس الأمن مرجعية العملية السياسية في اليمن، إذ دعا كلّ الأطراف اليمنية، بمن فيهم الحوثيون، إلى الالتزام بمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها، وبنتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وطالبهم بالالتزام بتسوية الخلافات عن طريق الحوار والتشاور ونبذ القيام بأعمال العنف لتحقيق أهداف سياسية، والامتناع عن الأعمال الاستفزازية وجميع الإجراءات الانفرادية التي تؤدي إلى تقويض عملية الانتقال السياسي.

لقد أكد المجلس ضرورة اتخاذ "خطوات ملموسة للاتفاق وتنفيذ حل سياسي يقوم على توافق الآراء للأزمة في اليمن وفقا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل." وحث "جميع الأطراف اليمنية على الرد بالإيجاب على طلب الرئيس اليمني، منها حضور مؤتمر يعقد في الرياض تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي، بهدف تقديم المزيد من الدعم لعملية الانتقال السياسي في اليمن".

هذا القرار حظر توريد الأسلحة إلى الحوثيين أو علي عبدالله صالح أو "الكيانات والأفراد" المرتبطة بهم، و"كل من يتصرف بالنيابة عنهم أو بتوجيه منهم"، ويشمل الحظر "الأسلحة والذخائر، والمركبات والمعدات العسكرية، والمعدات شبه العسكرية وقطع غيار ما سلف ذكره، وكذلك المساعدة التقنية أو التدريب أو المساعدة المالية أو خلافها، فيما يتصل بالأنشطة العسكرية أو توفير أي أسلحة وأعتدة ذات صلة أو صيانتها أو استخدامها، بما في ذلك توفير أفراد المرتزقة المسلحين سواء كان مصدرهم أراضيها أم لا". وطالب القرار من جميع الدول، لا سيما الدول المجاورة لليمن، بـ"تفتيش جميع البضائع المتجهة إلى اليمن والقادمة منه، متى كان لدى الدولة المعنية معلومات توفر أساسا معقولا للاعتقاد أن البضائع تتضمن أصنافا يُحظر توريدها أو بيعها أو نقلها". وصوت لصالح القرار (14) دولة من أصل (15) دولة هم الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وامتنعت روسيا عن التصويت كما كان متوقعا، في حين صوتت لصالحه الدول الأربع الأخرى دائمة العضوية، بما في ذلك الصين. كما صوتت له جميع الدول العشر الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الذين يمثلون مناطق العالم كافة.

ومثل هذا التوافق نادر، مما يوجه رسالة واضحة للمتمردين الحوثيين وحليفهم صالح وأنصارهم في إيران وسورية وحزب الله، بأنهم يعملون خارج نطاق الشرعية الدولية، وأن مشكلتهم ليس مع السلطة الشرعية في اليمن فقط، ممثلة في الرئيس عبدربه هادي، بل مع المجتمع الدولي بأسره.

ويوضح القرار بهذه القوة صلابة موقف التحالف العربي لدعم الشرعية الذي تقوده المملكة العربية السعودية، الذي يسعى إلى تنفيذ الأهداف نفسها التي نص عليها القرار. وكون القرار قد صدر تحت الفصل السابع من الميثاق يعني أنه لازم التنفيذ من قبل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأنه يمكن استخدام القوة لوضعه موضع التنفيذ.

ولكن القرارات الدولية لن يكون لها تأثير مباشر في مسار الأحداث في اليمن، فهذا ما ستحدده الوقائع على الأرض، ولكن القرار يعطي دفعة قوية للحكومة اليمنية الشرعية لاتخاذ جميع ما تحتاج إليه من إجراءات لاستعادة الشرعية وبسط نفوذها على المناطق اليمنية كافة، بما في ذلك الإجراءات العسكرية والسياسية والاقتصادية والإنسانية اللازمة لحماية الشعب اليمني من سطوة الحوثيين وحلفائهم، بما في ذلك، على سبيل المثال الخطوات التالية:

ففي المجال العسكري، يتعين تسريع الإجراءات المتعلقة بتفعيل دور القوات اليمنية التي ما زالت تدين بالولاء للحكومة الشرعية، وهي تعد بعشرات الآلاف من الجنود المدربين، موجودة في مناطق اليمن المختلفة. ويتعين كذلك تحقيق تكامل أفضل بين القوى القبلية العسكرية واللجان الشعبية والوحدات العسكرية الموالية للحكومة الشرعية.

وفي المجال السياسي فإن سرعة انعقاد مؤتمر الرياض الذي دعا إليه الرئيس هادي في 7 مارس 2015، تحت مظلة مجلس التعاون تحضره الأطياف السياسية اليمنية كافة الراغبة في المحافظة على أمن اليمن واستقراره، سيكون له تأثير ملموس، إذ يمكن لليمنيين من خلاله إعادة تأكيد توافقهم الذي سبق أن توصلوا إليه في المبادرة الخليجية وفي مخرجات الحوار الوطني، ويتفقوا على تنفيذ الخطوات القليلة المتبقية من العملية الانتقالية السياسية.

وفي المجال الاقتصادي، يتعين التحرك سريعا لاستئناف النشاط الاقتصادي وعمليات التنمية، والاستعانة بالمساعدات الخارجية التي سبق حشدها للتنمية في اليمن، لتنمية المناطق البعيدة عن النزاع والعمليات العسكرية.

ومن الضروري على وجه الاستعجال معالجة الوضع الإنساني المتدهور في اليمن، بسبب استمرار الاعتداءات الحوثية على المدنيين بالتعاون مع الدول المانحة والمنظمات الدولية.