مهما حاولت أن تترفع عن سيل تلكم الإساءات والشتائم، إلا أنك لن تستطيع فصلها عن الإطار العام التاريخي لأوهام بعض "عرب الشمال" التي ظهرت بعد نجاحات عاصفة الحزم.
نظرة فوقية واحتقار متواصل لابن هذه الصحراء، كما لو كانت شتيمة أو منقصة نحاول الهرب منها!
أوليست هذه الصحراء هي التي حولناها بسواعدنا ثم بمساندة أشقائنا وأصدقائنا إلى جنة يحلم هؤلاء بالاقتراب منها، فضلا عن العيش فيها؟!
أوليست هذه الصحراء التي استطاع مؤسسها أن يجمع عربها تحت راية واحدة في أعظم قصة وحدة عربية لا تزال شامخة منذ ما يقارب المئة عام؟! على العكس من "عرب الشمال" ممن لم يستطيعوا تجاوز استعمار الغريب إلا بالوقوع في فخ الانقلابات العسكرية أو حرب أهلية تستمر 15 عاما كان القتل فيها على الهوّية، كما تفعل "داعش" وشقيقاتها من القوى المتطرفة حاليا؟!
أوليست المفارقة أن تلكم الحرب الأهلية لم تتوقف إلا بعد أن اجتمع فرقاؤها على أرض البلاد التي يتهمها بعضهم بالتخلف والرجعية؟!
وغير ذلك من قاموس الشتائم التي تزيد الفرقة وتبعدنا عن بعضنا بعضا.
في الحقيقة، لا أستطيع فهم الدافع وراء كل هذا الحقد والإصرار على احتقار عرب "ثروة الصدفة" كما يزعمون.
هل سببها اختلاف موازين القوى خلال العقود الماضية؟ أم هجرة الثقافة العربية إلى مراكز الأطراف كما كانوا يصفون عواصمنا؟ أم إنه الحسد البشري الذي ينبئ عن عقلية لن تستطيع علاجها مهما حاولت من تقرّب أو مساندة!
يبدو أن هؤلاء لا يزالون يعيشون "وهم" التحضر والتقدم، والأسوأ من ذلك أنهم يعلمون أننا تجاوزناهم بكثير، ولكنهم لا يزالون يكابرون ويخالفون الواقع، كما لو كان الحديث الدنيء سيغيّر من الحقيقة شيئا.
لن أقول: توقفوا عن إساءاتكم، لأنها لا تهمنا ولن تؤثر فينا، ولكن أقول: استفيدوا من أوقاتكم فيما ينفع بلادكم ولا يضرها.