في مخبر أبي محمد التفت إليَّ الأستاذ خالد وهو يضحك أنت طبيب أليس كذلك؟ ولم أكن قد اختصصت بعد؟ قال عفوا ما رأيك في وحمة (شامة) عندي كبرت حككتها جدا وبدأت تنزف؟
كانت في الذراع ثم شعرت بتضخم في إبطي؟ هل ثمة خطر؟ قالها وهو يضحك؟ مددت يدي إلى منطقة الإبط اليسرى فاحصا؟
كان تضخما في العقد اللمفاوية؟ قال متابعا إن الشامة المتضخمة النازفة استؤصلت بالكامل، أما أنا فقد انشغل بالي جدا فهنا حالة من الانتشار السرطاني المتأخر؟
كنت حذرا في انتخاب كلماتي وهنا تبرز مسالة أخلاقية، فزميلنا عبدالقادر الذي ظهر عنده لوكيميا أي سرطان دم لم يصدق الإصابة حتى أكدتها التحاليل المتتالية، فكيف يتصرف الإنسان حيال الإخبار بالسرطان؟ هل يتحمل المريض؟
إن الجنرال الإسرائيلي آل جور قائد السلاح الجوي عام 1967 الذي كان خلف الهزيمة السابقة لأسطول عبدالناصر وطائراته في الأرض فتذرع أي عبدالناصر أنه كان ينتظر الهجوم من الشرق فجاءه من الغرب؟ مما يجعلنا يغشى علينا من الضحك على قائد القومية العربية!
هذا الجنرال أصيب بسرطان منتشر فقال لمن حوله من الأطباء أصدقوني الخبر؟ كما فعل من قبل هانيبال القرطاجي حين التهبت إحدى عينيه فطلب من الطبيب استئصالها قبل أن يمتد الالتهاب للعين الثانية، قالوا له أي للجنرال الصهيوني الطيار: سرطان منتشر؟ فأمسك بالمسدس وانتحر، وقال لا.. لا أريد المعاناة.
وكنا قد روينا للقراء خبر السيدة الألمانية التي قتلت نفسها بالأنسولين حين عرفت أن السرطان انتشر في بدنها وتأسس وليس من أمل بالنفاد. وصاحبنا عبدالقادر تم تسريب الأمر إليه بالقطارة؟ أما أبو أحمد فقد خبأت عنه زوجته الخبر حتى جاءه الحمام، وصديقنا خالد روينا له بحذر تطور المرض وطبيعته؟ والرجل ذهب لألمانيا وعولج هناك بدون فائدة ومات في أشهر قليلة بين ذراعي أحب الناس إليه مرشده الروحي هكذا سمعت؟
إن مرض سرطان الجلد القتاميني (الميلانوما) جدا شرس؛ فمن رأى شامة كبرت وحكت ونزفت وبدأت تمتد وتكبر فليسارع إلى أقرب جراح لإزالتها على نحو واسع.
ومحمد حين رأت أخته هذا التورم في ساعده وهو رجل من دائرتي القريبة سارعت به إلى جراح جيد فاستأصل ورما قتامنيا بدأ يمتد فنجا وما زال حيا يرزق حتى هذه الساعة، وكانت أخته خلف نجاته وهو كان مستخفا بالموضوع؟
وروى لي صديق غاب عني منذ فترة عن امرأة نجت من الموت؟ فقد نبت في فروة رأسها هذا الورم وامتد إلى العقد اللمفاوية في رقبتها؛ فسارع لها الجراحون والأطباء بالعلاج فرفعوا الورم وفرغوا العقد اللمفاوية من المنطقة، وبدأت في المعالجة بالانترفيرون وهو ليس بدون آثار جانبية..
ما أريد من كلامي ثلاثا:
ـ تفقد جسمنا البدن الآلة من حين لآخر، وتفقده مثل ما نفعل مع كفرات وزيت السيارة ونظافتها، كذلك نفعل بالبدن فنشيك على الصدر والقلب والسكر والضغط كما نفعل في ضغط دواليب السيارة وكما نتأكد من مستوى الزيت والفرامل وما شابه؟
ـ الأمر الثاني درهم وقاية خير من قنطار علاج فليكن أحدنا شجاعا في مواجهة جسمه ومعرفة علله؟ فإذا بدا شيء فليعالجه حتى لا يستفحل.
ـ والأمر الأخطر هو إهمال الجسم حين ظهور أعراض تمتد أسابيع ثلاثة فقد تكون مقدمة لمرض عضال؟
قال لي أبو محمد كنت في حفلة فشعرت بدوار؟ فقلت انتبه لنفسك وأظهر الفحص عندي سكرا متقدما؟ ثم يتابع الحكيم أبو محمد ولكن لا تتمارضوا فتمرضوا فتموتوا قلت له صدقت؟