دخل العراقي الدكتور سامي عبدالحميد "84" عاما موسوعة جينيس العالمية كأكبر ممثل يقف على خشبة المسرح، إثر أدائه أول من أمس مسرحية "غربة" على مسرح الدسمة ضمن فعاليات الدورة الثانية لمهرجان الكويت للمونودراما.

تحكي المسرحية التي كتبها جمال الشاطي وأخرجها كريم خنجر، قصة مثقف في بلده "العراق" يتعرض للاعتقال والتعذيب وتطلب منه السلطة أن يعترف عن أعماله المخلة بالنظام وعن أشخاص يعمل معهم فيبقى حائرا بين أن يعترف أو لا يعترف، لاعتقاده أن النتيجة واحدة في الحالين، فلا يستطيع مواجهة الناس، ليهاجر وهو يردد "الموت غربة داخل الوطن والغربة موت خارج الوطن". جاءت الحركة المونودرامية للعرض على خطين الأول الذهاب إلى القبر حيث المجهول والآخر الذهاب إلى بلاد الغربةن وهكذا يدخل في صراع نفسي يكشف فيه عن أحداث وأماكن وأناس مر بهم طيلة رحلته وفي النهاية وأمام دمعات بعض الجمهور يقرر ألا يعترف.

قوة أداء الممثل سامي عبدالحميد الذي تجاوز الثمانين عاما، شدت الجمهور على مدى ساعة، لدرجة أن بعض الحضور من كبار الممثلين خاف على الممثل من السقوط على الخشبة، حيث بدت خشبة المسرح وكأنها خائفة من وقوف الرجل الثمانيني، غير أن عبدالحميد أبهر الحضور بشكل ملفت خاصة وهو يستخدم العصا التي يتعكز عليها في أكثر من مشهد، وأظهر خفة حركة في الانتقال من مشهد إلى آخر، ساعده في ذلك مخرج استفاد من تاريخ مسرحي كبير، الموسيقى توزعت على كل مشهد مانحة الجمهور حالة خاصة تختلف عن المشهد السابق.

وفي الندوة التطبيقية للعرض التي أدارها المسرحي عبدالمحسن الشمري أكد الفنان عبدالعزيز السريع أن المسرح هو من كان خائفا من المسرحي سامي عبدالحميد تاريخ وتجارب وأداء متمكن يقف كجبل شامخ على الخشبة المسرحية، فيما صعد المسرحي عبدالعزيز الحداد فور انتهاء العرض، للمسرح، ماسحا دموعه، ليقبل رأس عبد الحميد، داعيا الأجيال المسرحية إلى الاستفادة من تاريخ هذا الفنان الذي جسد لنا غربة الإنسان، وجراح مثقفين في أوطان الثقافة والحضارة، على حد قوله. فيما ذهبت الفنانة المسرحية سميحة أيوب إلى أن المسرح العربي مازال بخير، بحضور أمثال هؤلاء العمالقة من مسرحيين، ومثل هذه العروض التي تجسد الحالة المسرحية الحقيقية من تأليف وإخراج وتمثيل، في عرض متكامل ومخرج رائع وفنان أقل ما يقال عنه أنه متمكن يعرف كيف يضع قدميه على المنصة وكيف يشد الجمهور لما يقارب الساعة دون ملل.