من أبلغ الأوصاف حول الجماهير وسيكولوجيتها تلك التي أطلقها عالم الاجتماع والمستشرق الفرنسي الشهير (جوستاف لوبون)، حين وصفها بأنها غير عاقلة (لاعقلانية) ومجنونة بطبيعتها، وهو هنا يتحدث عن الجماعة (الجماهير)، والجماعة هنا ليست محصلة مجموع الأفراد، فالفرد عندما ينغمس في جماعة فإنه قد يمارس تصرفات خارجة عن إرادته.

ويؤكد على دور الزعيم أو القائد أو خطيب الجماعة، الذي يلعب دور المحرض الذي يفرض إرادته على الجماهير مثل طبيب التنويم المغناطيسي، وهو ما يفتقده نادي الشباب في الوقت الراهن.

نادي الشباب يعاني من الخسائر والمشاكل المادية منذ ثلاث سنوات، ومنذ فترة طويلة وهو يحتاج لإحلال والكل يعلم أن الفريق مستهلك ومتهالك لفترة تزيد عن السنتين، والكل يعلم أن كل الأندية مديونة، والكل يعرف أن الذي يرأس النادي إنما يقوم بالتضيحة بصحته وتاريخه، ويعلم أن هناك من يتربص به ويحاول إسقاطه.

كل هذه الأحاديث لا تجدي نفعاً مع الجماهير، لأنها بطبيعتها غير عقلانية ولا ترضخ للمحاجات المنطقية والأدلة الدامغة (حسب لوبون)، بقدر ما تستسلم وتستكين للشعارات الرنانة والكلمات المنمقة.

نادي الشباب الآن يتعرض للهزيمة تلو الأخرى والفريق يمر بمرحلة انتقالية وعملية إحلال وبناء من الصفر، والجماهير غاضبة وهناك من يؤجج هذا الغضب، وهنا تأتي حاجة القائد أو المسؤول الذي يخرج ويسيطر على عواطف وأشجان هذه الجماهير عن طريقة دغدغة مشاعرها وتخديرها.

المسؤول الشبابي الآن يمارس لعبة الصمت المحرقة لأعصاب الجماهير، بدلاً عن الظهور علانية والتظاهر بأنه يشاطر هذه الجماهير كل همومها ويوحي لها أنه يسعى بكل ما أوتي من قوة لتجاوز كل أزمة تهددها.

الجماهير ياعزيزي المسؤول متقلبة فهي قد تحرق من صفقت له بالأمس، فهي متطرفة ومتعصبة لأبعد الحدود، ومن الممكن أن تغير أفكارها وآراءها كما تغير قمصانها، فهي اليوم تلعب دور العاشق المحب وغداً تمارس دور الجلاد، الجماهير بدائية في طريقة تفكيرها وتعاطيها مع الأحداث، والقائد الملهم الذي يتقن فن استخدام الشعارات والكلمات، هو الذي ينجح في السيطرة عليها واحتواء غضبها.

الجماهير الشبابية الآن غاضبة ومعرضة لتقبل وتبني كل آراء المعارضين والمحرضين، وهي الآن تجري بلا وعي منها خلف أشخاص ليس لديهم نوايا حسنة تجاه النادي وذوي أهداف مشبوهة تسعى لإسقاط الكيان بكل الوسائل والطرق المتاحة، والمسؤول الشبابي يمارس عملية الصمت الرهيبة ولا يظهر في أوقات الانكسار، وعمله مقتصر في مكتبه بين الملفات والأدراج.

يجب أن يدرك المسؤول الشبابي أن الجماهير تفتقر لملكة النقد، بمعنى أنهم عاجزون عن قيادة أنفسهم بأنفسهم، وإذا لم تبادر بالتأثير عليهم واحتوائهم فإن خصمك (المحتجب خلف الأستار) سيأتي ويمارس معهم دور المنوم المغناطيسي وسيستغلهم أقوى استغلال، متظاهراً بأنه العاشق والمحب والغيور.