مازالت إصابات الرباط الصليبي في الدوري السعودي تحضر بكثافة، فحتى الآن 12 لاعباً من أندية مختلفة تعرضوا لهذا النوع من الإصابات التي تحتاج أحياناً لأكثر من ستة أشهر للعلاج والتأهيل والعودة بالتدريج لممارسة اللعبة.

الكثير من المحللين والمتابعين يرون أن بيئة الملاعب هي السبب الرئيس لتفاقم إصابة الرباط، بل إن بعضهم راح يرمي التهم على المسؤولين عن صيانة الملاعب وأنهم غير مؤهلين للقيام بأعمالهم وفق الاشتراطات المطلوبة.

بينما في حقيقة الأمر ومن وجهة نظر شخصية، أرى أن النظام الاحترافي الذي يتم تطبيقه في الأندية هو السبب الرئيس والمباشر لكل ما يحدث وهو نظام ملزم به النادي من جهة واللاعب من جهة أخرى وللأسف أن الثنائي سقط في الاختبار.

أي بمعنى: غياب التمارين الصباحية داخل الأندية وتكثيف الجرعات اللياقية وأخص بالذكر (تمارين صالة الحديد) التي تقوّي العضلات لأي لاعب متى ما صاحبها نظام غذائي جيد وفترة نوم كافية ومحددة، فإنها الاستطباب الأمثل وتعتبر حائط صدّ منيع ضد إصابات الرباط التي تحدثها بيئة الملاعب كما يصفون.

للأسف مرة أخرى، إن الاحتراف لدينا تم تطبيقه على أنه مقدم عقد وراتب مجزٍ وسكن مناسب ومواصلات جيدة ونسب وعمولات للوكلاء وغيرهم، بينما أساسيات النظام ومتطلباته مفقودة تماماً ومعدومة نظراً لأن إدارات الأندية تأتي متطوعة وبلا تخصص احترافي وبلا معرفة بأسس الإدارة الرياضية التي يفترض أن تكون مرتكزة على نظام الثواب والعقاب، طالما تيقن الجميع أن اللاعب المحترف هو موظف له حقوق وعليه مسؤوليات وواجبات يجب القيام بها ليستحق ما يأخذه.

الكادر الفني في كل نادٍ هو أيضاً متسبب فيما يحدث حين سمح بالتدخلات والمحسوبيات أن تجهض برنامجه وتؤخر تطلعاته، فالمدير الفني وأقصد المدرب لدينا متى ما كان ضعيف شخصية فإنه يبني فريقاً هزيلاً سيتوزع أفراده في نهاية المطاف بين غرف العلاج الطبيعي وبرامج التأهيل والإيقافات وهكذا.

فيما يظل الكادر الطبي متى ما كان غير متابع للحالات وغير مهتم باللاعب وما الذي يحتاجه، فإنه ينضم فورا لقائمة (أم المصائب) في الأندية، فأحياناً هناك لاعب يحتاج لصالة الحديد بينما يوجد آخر يحتاج للجري حول المضمار وثالث لمتابعة نظام نومه وغذائه وهكذا، والإخصائي المسؤول عن كل هذه البرامج يفترض أن يكون لديه كادر مؤهل للقيام بالعمل بتراتبية صحيحة ووفق تقارير رسمية.

الشاهد من الحديث أن اللاعب السعودي اشتهر بالسهر والفوضى وغير مهتم بالوقت وأهميته، اشتهر بنظام غذائي مهول بين المفطحات والوجبات السريعة، اشتهر للأسف بالتدخين والمعسل في المقاهي والاستراحات، وهي سلوكيات من الصعب جداً التعامل معها في زمن احترافي (مشلول) داخل الأندية وأنظمة داخلية باتت مطاطية يحكمها جماهيرية اللاعب ومحبة الإدارة له، وقس على كل ذلك معدلات البؤس كنتاج حتمي لكل هذا العبث الإداري الرياضي الذي ينعكس سلباً على نتائج المنتخبات والأندية في المشاركات الخارجية.

شخصياً، أتفهم تماماً حين يُصاب لاعب محور أو مهاجم بالرباط الصليبي نظراً للأمور السلبية أعلاه، بالإضافة إلى معدلات الجري والاحتكاكات وفقدان التوازن أحياناً في مباراة ما، أقول أتفهم ذلك لهؤلاء اللاعبين، لكن أن يُصاب بالرباط الصليبي حارس مرمى فهذا يعني أنه لا يعمل في التمارين ولا يتحرك نهائياً، بالضبط كأنه خرج من مكتب عقار ليلعب مباراة مع فريقه! وهنا نقطة جدلية أخرى تستحق النقاش ومساءلة وليد عبدالله وفواز القرني عن طريقتيهما في التمارين، وما هي البرامج التدريبية اليومية التي يقومان بها (!!).