كان من الموفق جدا أن يُمزج هذان المعنيان "الفهد وروح القيادة" للاحتفاء بتاريخ ملك كان على نحو استثنائي من القيادة والحضور السياسي والإنساني.

معرض "الفهد روح القيادة" حيث دشن عرض لمآثر الملك فهد بن عبدالعزيز بمنطلقات فنية عالية. جمع المعرض "الفهد روح القيادة" بين التميز المتفرد والسرد التاريخي المحسوس، بحيث يمكن للزائر أن يشعر بملامسة تلك المرحلة الزمنية وكأنما هي كائن ينبض بالروح والصوت والدفء.

كنا بشكل عملي وحسي وفني وتاريخي وسياسي على موعد مع تأريخ للقائد الفهد الذي له من اسمه نصيب. وفي رحلة أشبه بعبور الزمن والدخول إلى بُعدٍ زمني من نوع خاص.

شاهدنا الملك الأب مع أبنائه بكل مراحلهم العمرية.

شاهدنا الملك الصديق مع أصدقائه يتجاذبون اللحظة والبسمة.

شاهدنا الملك المثقف من خلال مكتبته والوزير وهو مسؤول عن وزارة المعارف والتعليم في تلك المرحلة.

شاهدنا الملك الفهد القائد وهو في معترك الحياة السياسية ملكا متفردا بين ملوك المعمورة.

صور وذكريات وأحداث مرت به وخرج منها منتصرا قائدا تاركا وراءه تاريخا طويلا من المواقف والبطولات.

استوقف الزوار وأنا أحدهم الجانب الخاص بتحرير الكويت، ودور الملك فهد في حسم تلك المرحلة لصالح الدولة الشرعية في الكويت.

ولعل الدهشة تستوقف زائر معرض الفهد وروح القيادة حين يكون في منصة واحدة وعلى جانبين مختلفين عرض لهدية من الرئيس العراقي وهي عبارة عن رشاش مصنوع من الذهب، وعلى الجانب الآخر صور أرشيفية لصحف تتصدرها عناوين تحرير الكويت من الاعتداء الذي قام به صدام حسين في تلك الفترة، المفارقة هنا لمن يقرأ التاريخ بشكل أعمق أنه سيعرف أن لكل مرحلة أوانها ولكل زمان رجاله ولكل مقام مقال، ففي الوقت الذي تُعرض فيه تلك الهدية اللافتة للزوار يقابلها على نفس الامتداد تأريخ تحرير الكويت. إنه تقاطع تاريخي بين السياسي والمرحلي وروح القيادة الحقيقية للفهد، رحمه الله.

إنه الملك فهد رجل الحكمة والسياسة أكثر من كل ما شاهدنا، وأكبر من تأريخ مراحل سيحفظها له التاريخ، هو أكبر من كل هذا. هو رجل دولة وزمان ومرحلة عظيمة من مراحل بلادنا.

ولعل المعادلة الصعبة التي حققها لنا الفهد عبر تلك المرحلة التي يشكل حاضرنا امتدادا عمليا وحضاريا لتلك المعادلة كان بالفعل يتمثل في المحافظة على الأصالة والحداثة واللحاق بالأمم المتحضرة.

ولا شك أن معرض "الفهد روح القيادة" ليس إلا تذكيرا لقائد قوي مؤمن لم ينسه شعبه، وظل مصدر إلهام لهم ولأبنائه في المستقبل الذي نحياه اليوم.