ربما لا توجد مشكلة من أن يلتقط أحد مهووسي السلفي صورته مع حاوية النفاية، فهذا ينعكس عليه شخصيا وتبقى حريته في تعامله مع مظهره، ولكن المشكلة أن موضوع الصورة كان ساخرا تجاه طفل يأكل منها ويرتدي لباسا لأحد الأندية الرياضية يكتسي به من العري في مشهد مأساوي، وتبعت ذلك إثارة للجدل جعلت السخرية والرحمة تتساوى لدى هذا الشاب في موقفين متشابهين قدم في الآخر منها اعتذاره.

الحدث يشكل صورة من الانعكاسات السلبية التي تلاحظ على سوء استخدام البعض للوسيلة الإعلامية، باعتبار وسائل التواصل الافتراضي جزءا منها، حيث إنها وسيلة تمكن الفرد من تكوين إعلام مستقل عن نفسه بطرق تتعدد فيها أساليب الظهور والتأثير، إلا أننا نفترض أن يكون استخدامها بوعي وحرص على إيصال المحتوى الجيد.

هذا الموقف على جانبه الإيجابي استثار الوعي والاستنكار لدى بعض الناس لأنه كان إزاء حالة إنسانية مستضعفة، ولكن القضية بمجملها تصب في شأن التمييز العنصري الذي قامت للقضاء عليه الاتفاقات الدولية المعتمدة والمصدقة بوثيقة مؤرخة في 22 (يوليو) 1976، فضلا على أن الدول العربية كانت من ضمن المنضمين إليها، وقد شارفنا على إنهاء أربعة عقود بعد توقيع الاتفاقية إلا أن النزعة العنصرية ما زالت العامل الأساسي الذي يستحضر مثل هذه المواقف ويجعلها تتكرر بأشكال مختلفة وحضور التمييز ذي المبررات المتعددة بوصف عام على المشهد الثقافي، والسوء الأخلاقي الناتج عن التعصب الرياضي الذي تم توظيفه بشكل جيد بالوصف الخاص لهذا الموقف، غير أن هذه القضية بمختلف شكلياتها هي إحدى الصعوبات التي تقف عائقا وتعرقل التمدن في مجتمعاتنا العربية على الأصعدة كافة.

هذه المظاهر تثير السؤال أيضا عن دور الشؤون الاجتماعية كونها مسؤولة عن معالجة هذه الحالات التي تلبي احتياجها الأساسي في الغذاء من البحث عنه في النفاية، وعن تطويرها لمهنة الخدمة الاجتماعية كونها تشكل معيارا ثقافيا وركيزة مهمة وإطارا أخلاقيا يمكن من خلاله تقدير أوضاع هذه الفئات الضعيفة ودعمها وتلبية الاحتياجات وحفظ الكرامة الإنسانية، وذلك من خلال تحديث دور الممارسة العامة في الخدمة الاجتماعية وتطويرها، وبالتالي فإن تفعيل هذا الدور سينعكس بتحقيق رسالة إنسانية مجتمعية لا بد فيها من وقفة ملتزمة وكفاحية تشارك فيها رعاية الشباب والإعلام كجهات مسؤولة وتسهم في انعكاسها بثقافة ومسؤولية على أفراد المجتمع ضد أشكال التمييز والتعصب.